آخر المواضيع

mercredi 11 février 2015

أرجوكم .. افهموا أولادكم

في برنامج إذاعي اتصلت أمٌّ تشكو ابنتها، فقالت:
ابنتي تدرس في الجامعة في كلية الهندسة، مِزاجها صعب، وإذا تضايقت تبقى الشهرين والثلاثة لا تكلم أحدًا، وإذا رأت أخاها يساعدني في أعمال البيت، قالت له: اشتغل عند أمِّك كالحمار! فما رأيك؟

ضحك مُقدِّم البرنامج، وقال: أنتم الملومون؛ لأنكم أدخلتموها كلية الهندسة.

فقالت الأم: صدقت.

مقدم البرنامج قال، إنما كان كلامه على سبيل المزاح؛ فالبرنامج لم يكن لحلِّ المشكلات التربوية، ولكن جواب الأمِّ ينمُّ عن جهلها وافتقارها للحكمة التربوية، وأظن أن زوجها كذلك أيضًا؛ وإلا فهل هناك أمٌّ أو أبٌ يتركون ابنتهم كلَّ هذه المدة الطويلة لا تكلمهم دون أن يفعلوا شيئًا أو أن يجدوا حلاًّ؟! وكيف وصلت ابنتهم إلى هذه المرحلة أصلاً لولا أن الإهمال التربوي كان منذ الأساس وفي وقت مبكر جدًّا؟!

لقد أثبتت الدراسات أن أسلوب الوالدين في معاملة أطفالهم يترك آثارًا عاطفية عميقة باقية الأثر في حياتهم، وأن الإهمال البسيط يمكن أن يكون أكثر تدميرًا نفسيًّا من الشتائم المباشرة، وهذا من شأنه أن يفسد نزعة الطفل الطبيعية للتعاطف.

هذه أمٌّ فاشلة فعلاً؛ لأنها لم تنشئ علاقة وصلة حميمة مع ابنتها، فالبنت إن وجَدَتْ مَنْ يسمعها وهي صغيرة ويشاركها همومها، وتعلمتْ أن تخرج وتعبّر عن مشاعرها، لما وصلت إلى هذه الحال الصعبة؛ فالأم ينبغي أن تكون صديقة لابنتها في هذه السن، وكذلك الأب.

نحن ابتداءً ينبغي أن نسمع من البنت؛ فهي ربَّما تعبِّر عن ضِيق في نفسها لا تعرف سببه، ولكنه نتيجة سوء التربية وعدم إشباع حاجات لدى البنت كانت ضرورية؛ حتى تتزن وتستقيم نفسيتها وشخصيتها، وحتى طباعها الصعبة كان بالإمكان تغييرها في الصِّغر.

إن الفروق التي بين الأشخاص في ودِّهم وحنانهم إنما ترجع إلى الطريقة التي تربَّى بها كلٌّ منهم، ونوع الرعاية التي حظي بها من والديه، وورد في كتاب "دور العاطفة في حياة الإنسان": "إن الصمت بحدِّ ذاته أمرٌ مخيف ورسالة قوية، وكأنه مزيج ذو بُعد جليدي يتكون من النفور والشعور بالكراهية والاستعلاء".

إن كثيرًا من الآباء والأمهات لا يفهمون شخصيات أولادهم؛ لأنهم ببساطة لم يقتربوا منهم ومن عالمهم ولم يعطوهم الوقت الكافي، ونتيجة هذا ستكون عدم معرفة الأسلوب الصحيح في التعامل معهم، ودقة الملاحظة في سلوك الولد مهمة جدًّا في التربية، وكثير من العِلل والاضطرابات النفسية ناشئة عن سوء التربية وسوء المعاملة من الوالدين والمحيط الذي يعيش فيه الشخص، والقضية المهمة التي تغيب عن ذهن الكثير من المربين أن الأولاد ليسو سواءً في حاجاتهم المعنوية، فأنت تجد أن الأب أو الأم تقول: إنها ربَّت جميع أولادها بنفس الطريقة، فلماذا اختلف هذا الولد أو هذه البنت عن الباقين؟ هنا تكمن المشكلة؛ فالأم لم تدرك أن أولادها كل له حاجاته التي قد تختلف عن أخيه في بعض الجوانب، ومن الخطأ الكبير أن تعاملهم كلهم بنفس الأسلوب؛ فربَّما تكون إحدى البنات عاطفية حسَّاسة وأختها على النقيض تمامًا، فبالتالي ستختلف طريقة التعامل مع كلٍّ منهما، لا بد أن تُراعَى مثل هذه الفروق الفردية بين الأولاد في التربية.

يا أيها الآباء ويا أيتها الأمهات:
اقتربوا من أولادكم، وافهموا شخصياتهم، واعرفوا حاجاتهم، وغذوهم بالحبِّ والحنان، وأعينوهم على برِّكم، وازرعوا في نفوسهم تقوى الله؛ حتى تستقيم أحوالهم، وأكثروا لهم من الدعاء، والله الموفق.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

Traduction ترجمة

التسميات