محطة للشباب

آخر المواضيع

vendredi 13 février 2015

février 13, 2015

الفتيات المسلمات يواجهن التحديات

كانت هموم وواقع النساء المسلمات في أنحاء العالم ، موضوع حوارات وتقارير ودراسات قدمتها وفود نسائية شابة من 45 دولة شاركت في الملتقى العالمي للفتيات المسلمات وتراوحت أعمار المشاركات الزائرات بين 16 و 20 عامـًا .

ودارت المناقشات والتصورات حول كيفية التعايش مع مستجدات عصر العولمة ، وأساليب تقديم الإسلام للعالم بصورته الحضارية الحقيقية ، وطرق الرد على الافتراءات التي تشوّه سمعته ، سواء أكان ذلك من الحاقدين من غير المسلمين ، أم من المسلمين الذين يسيؤون بجهالتهم إلى دينهم العظيم .
وناقشت الحاضرات عدم وجود خطط مدروسة لمساعدة المسلمات في الخارج ، وهو ما يجعلهن يشعرن بأنهن يواجهن الضغوط والإغراءات وحدهن .

المسلمة الأندلسية :
عائدة روميرو ، من أسبانيا ، فتاة في العشرين من العمر تتحدث اللغة العربية الفصحى بطلاقة ، تعلمتها كما تعلمها أبواها اللذان أشهرا إسلامهما أيضـًا ، وسافرت العائلة إلى مكة المكرمة لتتعلم الدين الإسلامي ، وأقاموا فيها مدة تسع سنوات ، وهناك أصبح والدها أستاذًا في الشريعة الإسلامية وصارت والدتها أستاذة في القراءة والتلاوة والتفسير ، وتقول : " الدين الإسلامي انتشر في نفوس أهل الأندلس بيسر وسهولة ، اعتنقوه وعرفوا عاداته وتقاليده التي مازلت باقية حتى الآن ، لكنه يجد أيضـًا العوائق والأضرار الناتجة عن مؤامرات محاكم التفتيش ، التي حاولت بكل إمكاناتها تشويه صورة المسلمين ، فحولوا المساجد إلى كنائس ، ودمروا الثقافة الإسلامية ، وطردوا المسلمين ، وقالت : إن مشكلة الفتاة في البلدان الغربية أنها تتعلم دينها وسلوكها الإسلامي في منزلها بين عائلتها ، وفي بعض الحالات بين مجموعات صغيرة ومحدودة من المسلمين ، في المساجد والجمعيات المنتشرة في المدن الكبيرة .

والفتاة عندما تنتظم في دراستها مع رفقائها في المدارس الغربية النصرانية أو العلمانية ، تجد نفسها بين أمرين أولهما دينها وسلوكها الإسلامي ، الذي عليها أن تحميه وتتمسك به ، وثانيهما رفقاؤها في المجتمع الغربي المغري بالفساد والشبهات .
وأكدت ضرورة بناء مدارس ومعاهد إسلامية في البلدان الأوروبية والغربية ، على أن تكون معترفـًا بها من الجهات الرسمية الحكومية ، وأعتقد أنه على الجمعيات والمنظمات الإسلامية في الأقليات المسلمة أن تتمسك ببعضها بعضـًا ، وتعمل على كلمة واحدة ، حتى لا تشعر الفتاة المسلمة بالوحدة والغربة في المجتمع الغربي ، وحتى توقن أن دينها شرف كبير وتاج على رأسها .

وتضيف عائدة : أن المجتمع الغربي مهما بلغ من العلم والتقنية إلا أنه ملوث في جميع مجالاته ، وأشارت إلى إسهامات إسلامية في دعم المسلمين في أوروبا .
وتضيف قائلة : إن أسبانيا ، التي ظلّت دولة إسلامية مدة ثمانية قرون لا تعطي الآن أي اهتمام للغة العربية ، وكذلك للإسلام الذي لا يعرف أحد عنه شيئـًا ، فيحاولون تشويهه بشتى السبل ، ويصورون المرأة المسلمة على أنها متخلّفة وجاهلة .
وذكرت أن الحكومات الغربية تفرض قيودًا وقرارات ، مثل الزواج ، وتعدّد الزوجات لا يقبلونه ، فالمرأة الثانية تعتبر كالعشيقة ولا يسمحون للرجل المسلم بأن يتزوج للمرة الثانية.

مدونة الأحوال الشخصية :
وتشير "مريم خنيجر " من المغرب ، إلى أن بلادها مقبلة على تطبيق مشروع الخطة الوطنية لدمج المرأة في التنمية ، خلال السنوات الأربع المقبلة ، وتعتبر أن هذا المشروع يلفظ آخر سمومه للقضاء على آخر حصن من حصون الإسلام المنيعة، وهي " مدونة الأحوال الشخصية ".
صوّر هذا المشروع الظروف ، التي تعيشها الفتاة المغربية المبنية على أُصول من الشريعة الإسلامية في صورة الانحطاط والتخلّف والظلم، وتؤكد مريم أن هذا المشروع ليس وطنيـًا كما ادعى واضعوه ؛ لأنه عالج موضوع الأُسرة من منطلق أيديولوجي ضيق، وفي غياب العديد من الهيئات الوطنية ، فلم تتم استشارة العلماء ، أو حتى استقراء آراء المواطنين ، وجعل الطلاق في يد القاضي.
وقالت : إذا كان الطلاق من الحرية الشخصية التي يجب أن تقيد بسبب آثاره السلبية على المجتمع ، أفلا ينطبق الأمر بالأولى على الخمر ، والتي لها آثار مدمرة ، ليس على الأسرة فحسب ، ولكن على المجتمع برمته ؟ أليس الخمر من أسباب العنف ضد النساء .
وذكرت أن الأفكار التي ابتدعها المشروع تقسيم الملكية مناصفة بين الزوجين المنفصلين بالطلاق ، كما حدد سن الزواج بالنسبة إلى الفتاة ابتداءً من الثامنة عشرة ، واعتبرت ذلك نوعـًا من القهر النفسي والاجتماعي ، والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي ينادي المشروع بذلك ، نجده يشجع على العلاقات غير الشرعية بين المراهقين والمراهقات ، ونشر ثقافة الجنس في المدارس ، والدعوة إلى استعمال العازل الطبي ، حيث وصل الحال إلى توزيعه مجانـًا في الأكشاك ، أليست هذه دعوة صريحة للجنس المحرم ، الذي اعتبره القرآن الكريم فاحشة ومقتـًا ؟ ألا يعتبر 360 حالة أم عازبة تضع حملها في مستشفى " ابن رشد " في الدار البيضاء خلال سنة واحدة وفي مدينة واحدة مؤشرًا خطيرًا ، وكارثة وطنية؟.

قلب أفريقيا :
وتؤكد " فاطمة الزهراء " من جمهورية تشاد التي يشكل فيها المسلمون 85 في المئة من عدد السكان ، أن اللغة العربية هي اللغة المتداولة في تشاد ، رغم أن الاستعمار الفرنسي فرض اللغة الفرنسية ، إلا أن اللغة العربية لها قوتها وسيطرتها ، حتى أصبح في الدستور ، العربية والفرنسية لغتين رسميتين للدولة ، وذكرت أن تشاد موجودة في قلب القارة الأفريقية ، وليس لها منفذ بحري ، إلا أن الإسلام دخلها منذ زمن الهجرات ، وكانت لها ممالك إسلامية مثل " مملكة كانم ، وبرنو ، وودّاي ، وباقري " وكانت اللغة المتعامل بها العربية ودستورها الإسلام ، وعندما دخل الاستعمار عام 1900م أزال الممالك وفرض اللغة الفرنسية .

وأشارت إلى عدم تأثر البلاد بحركة التبشير باستثناء الجنوب ، حيث قامت حركات التبشير بإمداد السكان بالمعونات المادية وبناء المستشفيات والمراكز الصحية ، وقالت : إن للفتاة المسلمة في تشاد ميزة خاصة ، وهي أنها محتشمة وملتزمة بالأخلاق الحسنة ؛ لأن نشأتها في أُسرة إسلامية وأول نواة تعليمها هي " الخلوة " وفيها تتعلّم تلاوة القرآن الكريم والعلوم الدينية ، ثم تلتحق بالمدرسة الابتدائية ، وتكمل تعليمها .
وذكرت أن الفتاة التشادية كانت تسافر للدراسة في السودان وليبيا ونيجيريا وسوريا والجزائر ، كما أن لها دورًا في المجال الاقتصادي .

فقر وجهل :
وتؤكد " مناية أبو بكر " من غانا ، أن المرأة تعاني الفقر والجهل ، وهي في عمر الثلاثين تكون قد تزوجت ثلاث مرات ، وبشكل عام فإنها تسير وراء الصرعات الغربية ، وكل ما يصدره لنا الغرب من نمط حياة وسلوك ، والمرأة ا لمسلمة لا يوجد لها أي احترام ، والسبب في ذلك هو الجهل.
وتقول "كلثم كراسيروفا " من روسيا : نحن أقلية مسلمة ، وبالاجتهاد سوف ينتشر الإسلام ، لقد انتشر الفساد وتعاطي المخدرات بين الشباب من جميع الأعمار ، نحن نخشى على مستقبلنا ؛ لأنه لا يوجد من يلتزم بالدين ، أنا أدرس في المعهد الإسلامي في جمهورية "كازان " وهناك مكان واحد فقط في روسيا لتعليم الفتيات المسلمات ، ولابد أن نهتم بالعلم ، كما أوصت أول آية نزلت في القرآن الكريم : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) .
وتضيف " نورا زكاي " من ألبانيا : إننا دولة يشكل فيها المسلمون 87 في المئة من السكان ، ويحتاجون دعم إخوانهم المسلمين ،منذ ثلاث سنوات بعد انتهاء الحرب في كوسوفا لم يزرنا أي وفد مسلم .

السفور بأمر الدولة :
وتقول " خالدة الرميثاء " من تركيا : لا يمكن أن أدخل من ساحة المدرسة وأنا أرتدي الحجاب ، كما أن المسلمات ممنوعات من ارتدائه على كل المستويات وفي المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ، فمنذ عامين طردت أكثر من ألف امرأة من وظائفهن الرسمية بسبب قرار الحكومة منع الحجاب ، وأُجبرت أمي على ترك عملها في المدرسة ، وكذلك زوجة عمي ، وهي مهندسة نووية ، وبهذا فإن المسلمات في تركيا ، وخاصة المحجبات لن ينلن حقوقهن في التعليم والعمل .

شهادات :
وتتساءل " أمل البوعينين " من قطر عما تبقّى من الحضارة المدعاة في العالم في هذا القرن ، وتقول إن سحق الإنسان وإثقال كاهله بالمزيد من متاعب الحياة ربما يحظى باهتمام أكبر ، وتقول : إن نصيب المرأة قد يكون أوفر في تحمّل الأعباء خارج بيتها وداخله ، فهي اليوم باسم التطور السياسي تظهر كعبء على المجتمعات المتحررة في أوروبا ، فالفتاة المسلمة بغض النظر عن أنها عربية أو أوروبية تشغل بال أصحاب السياسة ، فمثلاً في الدنمارك الفتاة المسلمة " إسلام أمين " من عائلة تركية مسلمة أرسلتها المدرسة الثانوية للتدريب العلمي في فرع من فروع مركز تجاري شهير في كوبنهاغن ، فرفضتها إدارة المركز بحجة ارتداء الحجاب ، فما كان منها إلا أن قدمت شكوى لوزارة العمل الدنماركية ، التي أرسلت بدورها تحذيرًا لذلك المركز والمتاجر الأخرى بعدم التعرض لمسألة الحجاب ، ولم يلتزم ذلك المركز بهذا الأمر ، فلم تقف عن الدفاع عن حجابها قبل الدفاع عن تعليمها ، وقامت برفع دعوة قضائية أمام المحاكم وانتصرت فيها . 
وتضيف قائلة : إن من نماذج التحدي الفاضح ، الذي تتعرض له المرأة المسلمة ، تلك البيانات التي صدرت عن مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة ، والذي حطّ من شأن المرأة ، والتكوين الأُسري السليم الذي نادى به الإسلام ، فقد دعا إلى حرية الجنس للجميع دون أي التزام قانوني أو أخلاقي .
ــــــــــــــ
المصدر: زهرة الخليج

février 13, 2015

شباب اليوم .. كيف يفهم الرجولة ؟

ليس هناك من يرضى بأن يصفه أحد بعدم الرجولة ، وليس هناك من لا يعتز بأن يصفه الناس بالرجولة ، وليس هناك أبوان لا يتمنيان أن يوصف ابنهما بالرجولة، وليس هناك فتاة لا تتمنى أن يكون فتى أحلامها رجلاً .

كيف يرى الشباب الرجولة ؟ وما مفهومهم عنها ؟ وما رؤية الخبراء لمفهوم الرجولة ؟ 
كل هذه أسئلة يجيب عنها هذا التحقيق .
يقول سمير أبو علي - طالب - : أظن أن الشاب حينما يصل إلى سن البلوغ يصبح رجلاً ، بمعنى أن الرجولة تتحدد بالسن ، يعني من تجاوز (17) سنة ، يصبح رجلاً أو يمكن أن تقاس الرجولة بالموقف ، وهناك من يفرض عليه أن يكون رجلاً في حالة موت الأب مثلاً ، أو الظروف المادية ، ولذلك المسألة في رأيي ليست لها محددات معينة .
ويقول سامي السويلم : الرجولة هي المسؤولية ، والرجل هو الذي يتحمل مسؤولية نفسه المادية والأخلاقية .
أما سامح الغرباوي - طالب بكلية الطب - فيقول : الرجل هو من يستطيع أن يحيا كما يحب ولا يقبل أي قيود أو ضغوط ، ويتصرف بعقله ، ولا يقبل وصاية أحد على أفكاره أو تصرفاته .
يقول وليد المناوي : الرجولة مسؤولية ويجب أن نعرف كيف نتعامل مع الآخرين من منطلق هذه المسؤولية .
الرجولة أدب واحترام للآخرين ، ويجب الأخذ بها بعد عرضها على المقاييس الدينية .
والرجولة شهامة وضمير وأخلاق والتزام .

المعنى الحقيقي غائب
يقول أحمد الشاهين : الرجولة تعني احترام الذات واحترام الغير، وأن يكون الإنسان على قدر من المسؤولية وألاحظ أن هذا المعنى غائب عن الشباب اليوم ، فكثير منهم منشغل بمتابعة آخر خطوط الموضة والجري وراء البنات ، وتقليد الممثلين والمطربين تقليدًا أعمى ، وأحيانـًا يضرب الشاب أخته وزوجته بدعوى أنه رجل ، وهذا لا يمت للرجولة بصلة !!
ويقول إيهاب الزهوي - 18 سنة - : أرى أن الرجولة هي الوقوف بجانب الصديق في وقت الشدة ، والبعض يرى أن تحقيق الرجولة يمكن أن يتم عن طريق شرب السجائر وتجريب كل شيء ، وهذا فهم خاطئ ؛ لأن السجائر مضيعة للصحة والمال .

الرجولة تضحية
تقول أم مشعل - أمٌ لخمسة أبناء - : إن كثيرًا من شباب الجيل لا يفهمون الرجولة فهمـًا صحيحـًا ، فابني الأكبر كان يساعدني في شراء مستلزمات البيت ويحملها عني إلى السيارة وعندما كبر قليلاً رفض مساعدتي ، وقال كيف أحمل مثل هذه الأشياء بدعوى أنه أصبح رجلاً ؟!! وكذلك لا يرضى أن أقول اهتم بدراستك أو لا تصاحب فلانـًا ؛ لأنه أصبح رجلاً ، فكيف يُوجه من أمه ؟! حتى أنه أصبح يرفع صوته أحيانـًا ، فهل هذه هي الرجولة ؟

الرجولة في القرآن الكريم
يؤكد الدكتور حسن الشافعي - رئيس الجامعة الإسلامية العالمية - أن الرجولة كلمة لها مدلولات ينبغي أن يعيشها ويتدبرها كل شاب ، وإذا أردنا التعرف على هذه المدلولات فإننا نحاول أن نستعرض المواطن التي يذكر فيها اللفظ في القرآن الكريم .
فقد استخدم القرآن الكريم كلمة الرجولة للدلالة على كمال الإيمان والتضحية ، فالرجل دليل على كمال الإيمان والتضحية ، فالرجل في هذا المعنى هو الذي صدق إيمانه وضحى في سبيل هذا الإيمان ، قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(الأحزاب/23) .
كما أن الاستخدام الثاني للفظ كان في إشارة إلى أن الرجال هم عميقو الإيمان الذين لم تشغلهم عوارض الدنيا الزائلة عن الآخرة .يقول الله تعالى:(في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)(النور/36 ، 37) .
وفي الاستخدام الثالث للفظ أشار إلى أن الرجل هو الذي يجهر بالحق ويناصر الضعفاء فقال تعالى : (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ…)(غافر/28) .

والشباب في كل عصر هم الشباب ، ولكن ينقص البعض منهم التربية الصحيحة وفهم الحياة ومعرفة هدفه فيها ، وهذه الأشياء لا تتحقق من تلقاء نفسها ، بل لابد من دور للأسرة أولاً ، ثم مؤسسة التعليم ، فالمسؤولية في رأيي ترجع للأجيال الحالية لأنها لا تقوم بدورها الكامل في ترسيخ الأخلاق وبناء الجيل القادم ، وهناك من الشباب من يفهم الرجولة على أنها تحكم في الأخت وضرب للزوجة ، وكان من الأفضل أن نرى هذه الرجولة المبكرة في عمله وتفكيره وخلقه .
مر عمر على ثلة من الصبيان يلعبون فخافوا ، بقي صبي منهم في مكانه ، هو " عبد الله بن الزبير " فسأله عمر : لِمَ لم تفعل كأصحابك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين لم أفعل ذنبـًا فأخافك ، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك .
ودخل غلام عربي على خليفة أموي يتكلم باسم قومه ، فقال له : ليتقدم من هو أسن منك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو كان التقدم بالسن لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة .

أولئك لعمري الصغار الكبار ، وفي دنيانا ما أكثر الكبار الصغار ، والرجولة ليست بالسن ولا بالجسم ولا بالمال ولا بالجاه ، إنما الرجولة قوة نفسية تحمل صاحبها على معالي الأمور وتبعده عن سفاسفها ، فهي بإيجاز : قوة الخُلق .
وإن خير ما تقوم به دولة لشعبها ، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي ، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة ومسرح وخيالة ومسجد ومدرسة ، هو صناعة هذه الرجولة وتربية هذا الطراز من الرجال .
ولن تترعرع الرجولة الفارعة ويتربى الرجال الصالحون إلا في ظلال العقائد الراسخة والفضائل الثابتة ، أما في ظلال الشك المحطم والإلحاد الكافر والانحلال السافر فلن توجد رجولة صحيحة ، ولم ترى الدنيا الرجولة في أحلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل أسامة بن زيد ، الذي قاد جيشـًا في سن السادسة عشرة ، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أول فدائي في الإسلام ، وأول من أسلم من الصبيان ، وسمرة بن جندب ، ورافع بن خديج، وقد قتلا أبا جهل أعدى أعداء الإسلام ، وكانا في الخامسة عشرة من عمريهما .

وترى الدكتورة ملك زرارة - أستاذة الفقه - أن الرجولة ليست كلمة أوصفة تطلق على الشاب لمجرد أنه بلغ سنا معينة ، وإنما هي تحمل كافة المسؤولية الشرعية التي خاطب بها الله عز وجل الصبي فبمجرد بلوغ الصبي يجب أن يتحمل كافة المسؤولية ، ولا يعتمد على أبويه ، وإنما يبذل ما شاء الله له من جهد في أوقات الفراغ حتى يرفع عن كاهل والديه بعض الأعباء التي تثقلهم إلى جانب أن يدرك ويعلم مسؤولياته سواء في الدراسة أو غيرها ، والثقة الشرعية المطلقة في الوفاء بحق الوالدين وبرهما وطاعتهما داخل البيت .
والرجولة أن يقدم على الزواج كما أمر الله تعالى في حدود قدرته المادية دون أن يلزم المرأة وأولياءها بشروط تخرج بالزواج إلى حد البطلان ، كما هو قائم الآن في كثير من صور الأنكحة الباطلة التي يشترط فيها الرجل مسؤولية الإنفاق على عاتقه ويسقط مسؤولية إعداد المسكن الشرعي وشواهد ذلك كثيرة .
وتضيف الدكتورة ملك : إن الرجولة أصبحت في عصرنا الحاضر كالغراب الأبيض لا نجدها إلا في قلة قليلة من شبابنا الذي مازال متمسكـًا بجوهر الإسلام .

ويقول الدكتور أحمد عبد الرحمن - أستاذ علم الأخلاق - : إن المسألة تتفاوت حسب البيئة والمهنة والمستوى الاجتماعي والمنطقة الجغرافية ، ففي زماننا كانت هناك نماذج تحملت المسؤولية فطلبة الجامعات كانوا يقومون بأعمال البناء والسباكة والكهرباء، فهذه هي الرجولة ، والإحساس بالمسؤولية والنهوض بها والتصدي لها ليس مسؤولية نفسه فقط ، وإنما مسؤولية أهله فيؤدي واجباته في المواقف المختلفة ، فالرجل مكلف بالسعي لطلب العيش ومن الرجولة أن يتصدى للخطأ ولا يخاف في الله لومة لائم ، وأن يكون قائدًا في عمله شجاعـًا في الحق يواجه الخطأ بالحق والقيم الأخلاقية ، لديه غيرة على دينه وقيمه ومبادئه ووطنه ، فمن لا ينفعل لانتهاك كل ذلك فأجهزة الرجولة عنده معطلة .
فهم خاطئ
وعن أسباب الفهم الخاطئ للرجولة لدى بعض الشباب تقول الدكتورة ملك زرارة :إن هناك مجموعة من الأسباب التي خلقت الميوعة ، فغابت الرجولة ، منها غياب دور الأم التي فرضت عليها مبادئ وقواعد التحرر الاقتصادي ، خاصة بعد أن أسقط الرجل عن كاهله مسؤولية القوامة ، وليس الغياب هنا بالمفهوم المادي ، وإنما هو الغياب المعنوي ، فالأم تعتقد خطأ أن المال يحقق لها ولأولادها الأمان والاطمئنان لنجد بعض مضي سنوات شابـًا ضائعـًا مستهترًا وفاشلاً ، لن نجد بين هؤلاء الشباب إلا قلة قليلة احتفظت الأم بمسؤوليتها تجاههم ، ولم يمنعها عملها من القيام برعاية أبنائها غاب الأب أو حضر فهي قائمة بالمسؤولية المزدوجة ، وأيضـًا النظام العام المتكامل تربويـًا في مجالات التعليم والثقافة .
ويضيف الدكتور أحمد عبد الرحمن : إن الوراثة لها دور مهم ، فهناك الوراثة الاجتماعية ، وهي التربية بمعناها الواسع في كافة المؤسسات التربوية البيت والمدرسة والمسجد والنادي والقدوة سواء في الواقع أو في الكتب ، فأنا لا أنسى أول كتاب قرأته عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - حيث تأثرت به أيما تأثير .
ــــــــــ
أحمد الشاهد

février 13, 2015

أتوب ثم أعود للمعصية فماذا أفعل؟

*سؤال:***
أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري، وأنا - ولله الحمد - أعد من الشباب الصالح ومن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. ولكنني زامنت معصية منذ بضع سنين كلما تركتها رجعت إليها، وأعزم على التوبة وأسمع كلام الوعاظ فتزداد عزيمتي، ثم بعد أيام تطول أو تقصر أعود إليها فأسرع إلى ذلك فبماذا تنصحني؟
**الجواب:***
أولا ينبغي عليك ألا تيأس من روح الله: (إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون). (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون). فعليك أن تتوب مرة أخرى وثانية وثالثة وعاشرة، ومن تابَ تاب الله عليه، ومن تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه، وربما يقبضك الله تعالى على توبة؛ فإن الشيطان يأتي أحيانا لبعض الشباب ويقول: لا داعي للتوبة وأنت تعرف أنك ستنقضها. نقول: لا... بل تب ولعلك ألا تنقضها.
وفي الصحيح أن رجلا من بني إسرائيل أسرف على نفسه وعمل ذنبا. ثم قال: ربي إني أذنبت فأغفر لي، فغفر الله له. ثم فعله أخرى فقال: ربي إني أذنبت فأغفر لي، فغفر الله له. ثم فعله ثالثة فقال: ربي إني أذنبت فأغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، افعل ما شئت فقد غفرت لك.
لا تقل ربما أكون مثل هذا الإسرائيلي فتسرف على نفسك، من يدريك؟ قد يقول الله تعالى: لا، لا أغفر لك لأنك مصر على الذنب أو لأنك مسرف على نفسك، أو لأنك عالم أو غير ذلك.
**فلا تغتر بحلم الله عز وجل***، ولكن تأخذ من هذا الحديث أن تكرار الوقوع في الذنب لا يمنع من تكرار التوبة. وإذا أسرع العبد إلى الذنب ثم تاب أسرع الله إليه بالقبول، والله تعالى لا يرجع في شيء أعطاه الإنسان، فإذا محى عنك ذنوبا سالفات فإنه لا يعيدها في صحيفتك لأنك رجعت إلى الذنب.
ولذلك فإن ما يشاع ويقال من أن ذنبا بعد توبة أشد من سبعين ذنبا قبلها، هذا ليس بصحيح ولا يصح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا عن غيره، وليس معناه بصحيح أيضا.
بل الذنب بعد التوبة هو الذنب قبلها ما لم يكن العبد مستخفا مستهترا مستهزأ بالمعصية وبمن عصاه.
**أمر آخر عليك أن تعرف لماذا تقع في الذنب؟*** فإن كان وقوعك فيه لجلساء سوء فاجتنبهم. وإن كان وقوعك فيه لعمل تعمله، وظيفة أو دراسة أو غيرها فحاول أن تغير هذا العمل.
وإن كان لأنك تنظر مثلا فتجنب النظر، فانظر إلى الباب الذي تأتيك منه الريح فسده لتستريح، فعليك أن تعلم السبب لتسعى إلى إزالة السبب حتى ينقطع عنك الداء بالكلية.
**أمر ثالث عليك أن تقاوم ذلك بكثرة الطاعات*** فإن الطاعة تقاوم المعصية، والخير يقاوم الشر، والنفس إذا شغلتها في الخير انشغلت به وإلا شغلتك بالباطل. فعليك أن تكثر من الطاعات وتنشغل بأعمال البر الصالحة.
أولا لتشغلك عن المعصية.
وثانيا حتى في حال وقوعك في المعصية لتقاوم أثرها، والله عز وجل يقول: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل. إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين).
إن الحسنات يذهبن السيئات، يذهبنها من صحائف الأعمال. ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : (وأتبع السيئة الحسنة تمحها). فتمحى السيئة بالحسنة التي تكون بعدها.
وتُذهب الحسنات السيئات أيضا وتمحو أثرها من قلبك، فكثرة الطاعة والصلاة والذكر والتسبيح تمحو أثر المعصية، السواد الموجود في قلبك والقسوة والجفاف، فيكون في قلبك نور وإيمان وإشراق.
وتمحو أثرها من حياتك أيضا فتجد توفيق الله تعالى وتأييده لك إذا أقبلت على الطاعات.
وأظن معصيتك من معاصي الشهوات مثل الوقوع في العادة السرية أو نحوها فهي أكثر ما يشتكى منها. فعليك أن تسعى إلى تحصين نفسك بالزواج المشروع وبذل الأسباب في ذلك بقدر ما تستطيع، فإن لم تستطع فعليك بتناول الدواء النبوي: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

février 13, 2015

الشباب والعادة السرية.. أحكام وضوابط

تعتبر ممارسة العادة السرية "الاستمناء" واحدة من الظواهر السلبية في حياة بعض  الشباب المسلم، والتي نحتاج معها لوقفة جادة توضح ما لهذه العادة من آثار ونتائج سلبية يتجاوز ضررها في الغالب الشخص إلى مجتمعه، وتأتي الخطورة الأكبر لهذه العادة لدى من يعتادون عليها ويعتبرونها الخلاص والحل الوحيد لحفظ النفس من الزنا.

ويصنف هؤلاء بأنهم مدمنون وهم مهددون بالكثير من الأعراض الصحية والنفسية إلى جانب الإثم الذي يوقعون فيه أنفسهم، وممارسة هذه العادة لا يغني النفس أبدا عن الزواج والانسياق وراء الشهوات فنجد من يمارسون هذه العادة بكثرة هم أكثر من يشاهدون الصور والمناظر الخليعة، وهم أكثر من ينساقون وراء المحرمات من اغتصاب ولواط، وهذا تدمير الشخص لنفسه وإضرار لمجتمعه.
 وهنا يتضح للعاقل أن أهم وأنجع الحلول تفريغ هذه الطاقة في مكانها الصحيح وذلك بالتحصن والزواج الشرعي، ولقد صدق قول الشاعر حينما قال:
صاحب الشهوة عبد فإذا    غلب الشهوة صار السيدا

عجز وندم!!
المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية التي أفرزتها ممارسة هذه العادة في مجتمعاتنا  كثيرة، ومنها:

1-العجز الجنسي بشكل عام: حيث عرف من الشباب من يخافون من الإقدام على الزواج وأصبحوا يترددون على العيادات التخصصية بحثا عن علاج لمشكلاتهم الجنسية التي تتمثل في سرعة القذف، وضعف الانتصاب، وقلة الرغبة الجنسية، وأصبح البعض نتيجة لذلك يهرعون إلى المقويات الجنسية، ويغفلون آثارها الجانبية بحثا عما أضاعوه!.
2-سقوط المبادئ والقيم: المنساق خلف هذه العادة ضعيف الشخصية تجره شهوة من شهواته إلى الوقوع في الحرام ولو على حساب السمعة والصحة والدين والمبادئ.
3-الإنهاك والضعف العام: ومن ذلك إرهاق الأجهزة العصبية والعضلية، وآلام الركب والمفاصل. وتقول إحدى الدراسات الطبية: "إن مرة قذف واحدة تعادل مجهود من ركض ركضا متواصلا لمسافة عدة كيلومترات"، وللقياس على ذلك يمكن لمن يريد أن يتصور الأمر بواقعية أن يركض كيلو مترا واحدا ركضا متواصلا وليرَ النتيجة.
4-ضعف الذاكرة: حيث إن من يدمن هذه العادة يلاحظ عليه النسيان وعدم سرعة البديهة، ويؤثر ذلك على إنتاجه ومجهوده الفكري.
5-الشعور بالذنب والندم والحسرة: فرغم الشعور اللذيذ الذي ربما ينتاب الشاب حين القيام بهذه الفعلة والوصول إلى النشوة، إلا أنه سرعان ما تنقلب تلك المشاعر إلى إحساس بالذنب والحسرة.
طرق العلاج
للانتصار على هذه العادة فإن هناك عدة أمور يجب أن يتشبث بها من ابتلي، حتى تكون له حرزا ووقاية بإذن الله، ومن ذلك اللجوء إلى الله عز وجل والتقرب إليه بالواجبات والنوافل فإن من أقدم على الله حفظه وحفظ جوارحه وعصمه من الشيطان ووساوسه. وأهم الأسباب المعينة هو الزواج إن تيسر وهو سيكون بإذن الله عصمة وحافظا للدين والنفس، لذلك ينصح الدين الحنيف الشباب بالإسراع في الزواج.

ومن أنجع العلاجات الابتعاد عن أماكن اللهو والشهوات والاختلاط، وذلك باتقاء أماكن التجمعات المختلطة كالأسواق وغيرها إلا للضرورة القصوى وإن كان ولا بد فليتحرّ الرجال الأوقات التي يقل فيها وجود النساء في هذه التجمعات مثل الصباح أو بداية العصر وكذلك الأمر بالنسبة للنساء، وإذا حدث وتم مصادفة ما يفتن ليس للمرء أن ينظر إلى هذه الفتنة ويحدّق النظر فيها بل يجب غض البصر فورا لكي يبدل الله هذه الفتنة بلذة إيمان يجدها العبد في قلبه.
 ومن أهم مسببات هذه العادة وغيرها من الفواحش مشاهدة الفضائيات حيث بات من الأمور القاطعة لدى الصغير والكبير والجاهل والمثقف مدى الإفساد والانحلال والمحرمات التي تبثها هذه القنوات بدء بالانحرافات العقدية ومرورًا بالإغراءات الجنسية والتي هي محور رسالتنا وانتهاء بدعاوى التحرر والإباحية وخرق حواجز الدين والعفة والحياء.
ومن أسباب السلامة أيضا تجنب الأوضاع التي تذكرك بهذه العادة أو الحاجة إليها، فإذا كان الشيطان يسول لك فعلها في أوقات الفراغ فاشغل نفسك بالمفيد والمباح، وإن كانت النزوة تأتيك في ساعات الوحدة فتجنبها وهكذا..، عندئذ إذا كنت ممن يدمنون عليها وتركتها فإنك ستفتخر بكل يوم قاومتها فيه.
وأخيرا سوف تكون أكثر سعادة و اعتزازا حينما تحسب الأسابيع التي مرت عليك ولم تفعلها وحينما يأتيك ذلك الشعور مرة أخرى طالبا إرضاءه يمكنك أن تقول لنفسك: " لقد قاومته كل هذه المدة الطويلة... أياما وأسابيع وإذا ما أخفقت الآن فسيضيع كل شيء".
الاستمناء من وجهة نظر شرعية
هي محرمة بلا شك والأدلة على ذلك قوله تعالى: ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) والعادون هم الذين يتعدون حدود الله تعالى، ويدل على تحريمها أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس) رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان ، وهذه العادة القبيحة تورث اكتئابا وضيقا في الصدر وشعورا بالإثم، ويكره فاعلها أشد الكراهية أن يعلم الذين يعرفونه أنه يمارسها، فهي من الإثم ، ويدل على تحريمها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ولو كانت هذه العادة القبيحة مباحة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليها الشباب ، لأنها أيسر عليهم - لو كانت مباحة - من الصوم، ولكن لما كانت إثما ومعصية اختار لهم النبي صلى الله عليه وسلم الصوم، كما قالت عائشة رضي الله عنها ( ما خُير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما) فدل على أن العادة السرية إثم، ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم إرشاد الشباب إليها، ولقد رخص فيها الإمام أحمد رحمه الله فقط لمن خشي على نفسه الزنا أو الفاحشة وما عدا ذلك فيحرم واختار هذا القول شيخ الإسلام رحمه الله .

وأخير أخي الشاب سواء أكنت مدمنا على العادة السرية أم لم تكن، اعلم أن هناك الكثير من الآخرين ممن يكافحون هذا الإدمان بشتى الوسائل. فلا تكن ممن يثيرهم بنشر الصور العارية ولا تثر الآخرين بأن تكون سببا مباشرا أو غير مباشر في إثارة شهواتهم التي قد تنتهي بهم إلى الإدمان لا سمح الله أو تزيد من إدمانهم. تأكد أن هناك أناسًا هم أكثر حساسية منك تجاه الصور وكل ما يثير الغرائز. اتق الله خالق الكون في نفسك والآخرين ولا تكن سببا في تعاستهم.

février 13, 2015

الزواج المبكر

   تناولنا في مقال سابق موضوع تيسير الزواج وضرورته، وذكرنا بعض وسائل التيسير التي ينبغي الاعتناء بها وتفعيلها، وهنا نتناول موضوع الزواج المبكر، والحديث عن الزواج عموما من المواضيع التي يهتم بها الشباب، ولهم الحق في ذلك، وخاصة في مثل زماننا الذي كثرت فيه أنواع الفتن والمغريات، وصار الشاب يخاف على نفسه وسط تلك الأمواج العاتية، والأعاصير المدمرة.

   وعندما نذكر الشباب في مثل هذه المواقع نقصد بهم الشباب الحريص على صحته وعافيته، وقبل ذلك على دينه وتقواه، ومراقبته لربه ومولاه.

   وعندما نذكر الزواج المبكر لا نقصد به سنا معينا بقدر ما نريد من الشاب الانتباه لنفسه، فهو أعلم بها من غيره، فإن أحس أنه بلغ مبلغ الرجال، وصار يفكر و يميل إلى الجنس الآخر، وبدأت المشاعر والأحاسيس تتحرك في وجدانه إذا سمع صوتاً، أو رأى امرأة....فعليه المبادرة بتقوى الله وتذكر الزواج والسعي إليه، وطلب العون من ربه ومولاه، وخاصة إذا كان مستطيعا وقادرا، فالزواج المبكر يحل له الكثير من المشكلات التي ستواجهه، والعقبات التي تعترضه لو سلك طريقا آخر لإشباع رغبته وإرضاء فطرته.

  ولكن تبقى المشكلة عندما يفقد الاستطاعة على الزواج، مع حاجته إليه، وهنا عليه اللجوء إلى خالقه سبحانه وتعالى أيضا، والصبر عن المعصية مهما كانت مغرية في ظاهرها، ثم الأخذ بالهدي النبوي الكريم، ووصيته للشباب، كما رواها ابن مسعود -رضي الله عنه- في قوله: ~( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )~~متفق عليه.

والزواج المبكر ليس بدعة مذمومة، ولا عادة سيئة ممقوتة، وإن ندر أو ضعف في مجتمعات بعض الناس، فقد كان محبوباً مرغوباً عند أولئك الأصحاب الكرام رضي الله عنهم. ووجد من الصحابة الكرام من بكّر في زواجه.

  **هل الزواج...شاغل؟***
   وما يقال من أن الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة فلا يسلم بذلك، بل الصحيح العكس لأن الزواج تحصل به مزايا كثيرة، ومنها السكون والطمأنينة وراحة الضمير وقرة العين، وهذا مما يساعد الطالب على التحصيل لأنه إذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق، فذلك يساعده على التحصيل.
وما يقال من أن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى الزوجة إلى آخره. فليس بمسلم أيضاً؛ لأن الزواج تأتي معه البركة والخير، فهو طاعة لله ورسوله، والطاعة كلها خير. فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته فإن هذا الزواج يكون سبب خير له. والأرزاق بيد الله عز وجل: #{ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا }## [سورة هود: 6] ، فالذي يسر لك الزواج سييسر لك الرزق، لك ولأولادك #{ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ }## [سورة الأنعام: 51]، فالزواج لا يحمل الشاب فوق طاقته كما يتصوره البعض.
أما ما يتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج فهذه من تصرفات الناس السيئة.

**فوائد متعددة***
والزواج المبكر له فوائد متعددة، منها:
1- حصول الأولاد الذين تقر بهم العين، ويفرح بهم الأب قبل عجزه : قال تعالى: #{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }## [سورة الفرقان: 74]، كما أن الأولاد شطر زينة الحياة الدنيا #{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }## [سورة الكهف: 46].

2- تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع الإسلامي. والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ~( تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة )~~رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني، وفترة الشباب هي زمن النشاط والطاقة والعطاء .

3- صون الشباب من الانحراف والوقوع في الرذيلة.

4- حفظ أعراض المسلمين، وصون المجتمع الإسلامي من الآفات، والأمراض.

5- حصول الأمن والاستقرار، فالزواج المبكر يكبح جماح طاقة الشباب من الانحراف، ولو بقيت دون تصريف قد تؤدي إلى حصول ما لا تحمد عقباه.

février 13, 2015

الثقافة الجنسية .. متى وكيف؟

تعتبر الثقافة الجنسية في أحد جوانبها جزءاً من الثقافة العامة والمهمة في ذات الوقت بالنسبة للشباب من الجنسين.. وهي ترتبط بالثقافة الاجتماعية السائدة والقيم الفكرية والتربوية والدينية في المجتمع؛ ومن ثم تختلف طريقة التثقيف الجنسي وكذا طريقة تناولها من مجتمع لآخر حسب هذه المؤثرات.

وقد مرت الثقافة الجنسية بمراحل وتطورات عديدة وفقاً لتركيبة المجتمع وظروفه وثقافته.. ولا تزال النظرة إلى هذا الموضوع مشوهة ومجانبة للصواب في أكثر مجتمعاتنا.. كما وأنها تحوي كثيرًا من الخرافات والمعلومات الخاطئة.. والتي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عدد من الاضطرابات الجنسية والنفسية والاجتماعية لدى الشباب.
ويعتقد البعض أن الثقافة الجنسية تتعارض مع الدين أو أنها تشجع الإباحية والتفلت الأخلاقي.. وهذا بالطبع غير صحيح على إطلاقه.. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة كيف يختارون أزواجهم، وكيف يتعاملون مع نسائهم، بل وأيضا كيف يأتون أهليهم، وماذا يقولون عند الجماع، وربما في أكثر من ذلك كما في حديث المستحاضة وغيرها من المواقف المشهورة.. والفقه الإسلامي يتناول القضايا الجنسية بصراحة ووضوح وبشكل منطقي وعملي وأخلاقي وتربوي في آن واحد.
أمر لابد منه
والثقافة الجنسية في حد ذاتها أمر لابد منه؛ لأنه يتعلق بأمر فطري وبحاجة عضوية ونفسية ملحة، والإنسان إذا ما وصل إلى مرحلة معينة سيبدأ يبحث فيه ـ سواء علم من معه أو لم يعلموا ـ، ولكن الذي ينبغي أن يقال هو أن مسؤولية المجتمع بداية من الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع ككل هي في وصول تلك الثقافة الهامة ـ والخطيرة في نفس الوقت ـ بطريقة مدروسة ومرتبة يراعى فيها حال الشاب أو الشابة بحيث يتدرج فيها تدرجا يسمح له بالمعرفة والإدراك مع الحفاظ عليه من التشتت والانحراف، والعجيب أن ديننا الكريم يسمح بهذا ويعرضه في أنقى ثوب وأطهره، وهو مبثوث في كتب العلم وأبواب الفقه والتي كان يتعلمها أبناء المسلمين في سن مبكرة جدا... لكن يلاحظ في كتب أهل العلم ما يلاحظ في القرآن الكريم والسنة المطهرة من محافظة على الألفاظ والتلميح دون التصريح ـ قدر الطاقة ـ واستعمال عبارات غاية في الأدب ومؤدية للغرض في نفس الوقت، من مثل "أو لامستم النساء" ، "فأتوا حرثكم " "وقدموا لأنفسكم".. ومن مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر"... إلى آخر هذه العبارات المغلفة بغلاف الأدب والوقار.

نقاط مهمة
ومن هنا أحببت أن أنبه كل ذي صلة على بعض نقاط تتعلق بتناول هذا الأمر:
أولا : إنما يتحدث في مثل هذه الأمور مع من يحتاجها، فقبل وصول الابن ـ ذكرا كان أو أنثى ـ لسن التمييز لا قيمة للكلام معه في مثل هذه الأمور، ودعك ممن يقول بوجوب تعليمها لابن سنتين أو من يدور حولها فوجهتهم تدل عليهم.

ثانيا: عرض هذه المسائل لكل إنسان بحسب حالته واحتياجه، فليس من يبدأ سن  المراهقة ـ مثلا ـ كمن هو مقبل على الزواج بعد أيام .. هذا إذا كان عند أحدهم ما يحتاج للسؤال عنه أصلا، لأن القنوات والنت لم يدعا لأحد شيئا إلا من رحم الله.
ثالثا: تقديم جرعات مناسبة للأبناء تتناسب مع أعمارهم واحتياجاتهم ومن خلال مؤسسة الأسرة والمدرسة، حتى لا يكون الأمر مفاجأة عندما يشب الابن أو البنت، وهذه المرحلية في التثقيف مناسبة حتى يجد الابن ردودا على تساؤلاته المتعلقة بهذا الأمر وإلا سيطلبها من مصادر غير آمنة أو من خلال طرق غير مشروعة.. فكأن تقديم هذا النوع من المعلومات بهذه الصورة الممرحلة هو في الحقيقة جرعات مناعة وحماية للأبناء من خطوات الشياطين ومن إغواء المارقين.
رابعا: التمسك بأدب القرآن والسنة في الكلام في هذه الأمور قدر الطاقة، وهو الوصول للغاية المطلوبة بأكثر الطرق أدبا وتهذيبا فيتعلم الإنسان الجنس والأدب جميعا. وما زال الحياء شعبة من الإيمان إلى أن تقوم الساعة.
خامسا: الحذر من أن يكون هذا الموضوع هو كل هم الإنسان ومحور تفكيره، فالإفراط في مثل هذا له أضرار كثيرة ربما تخرج بصاحبها عن حد الاعتدال، بل وربما جره ذلك إلى البحث في مواطن الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، ومن سلم له دينه فقد أحسن الله به صنعا وأراد به خيرا، وإلا فما أكثر الهالكين فيها والضائعين، وكثير منهم إنما دخلها أول مرة إما خطآ وإما على سبيل التثقيف وأحيانا على من باب الفضول فكانت العاقبة خسرًا وصار الواحد منهم أو الواحدة كمثل الذبابة التي قالت: "من يدلني على العسل وله درهم، فلما وقعت فيه قالت من يخرجني منه وله أربعة دراهم".
أخيرا: أدب الجنس بكل ما فيه (ومرة أخرى بكل ما فيه) موجود في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وكتب سلفنا العامة كالتفسير وشروح الحديث، أو الخاصة كآداب العشرة وعشرة النساء واللقاء بين الزوجين على ضوء الكتاب والسنة، وغيرها كثير.. مما فيه الغنى عن مجلات الإثارة والفتنة، ومواقع الإباحة والخلاعة... ومن قرأ ما في المكتبة الإسلامية أغناه ذلك عن غيرها وحفظه عن الوقوع فيما حرم الله ووهبه ثقافة كاملة وطاهرة .. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يسري شاهين

février 13, 2015

معاكسات الشباب.. والاستهتار بالأعراض

لم يستغرق الأمر لحظات.. فقد كانت سيارة الفتيات واقفة، وجاءت سيارة الشاب فصفت بجانبها مباشرة لينفتح زجاج النوافذ وتمتد يد الشاب بورقة تتلقفها اليد الناعمة ثم تنطلق سيارة الشاب تتبعها السيارة الأخرى.

لم يذهلني من المشهد أكثر من جرأة الطرفين الشديدة، ولم أتعجب فأنا أقرأ وأسمع عن انتشار المعاكسات بين الشباب والبنات.. ولكن حملني الموقف على الدراسة والكتابة والمتابعة للموضوع فكانت عجائب في زمن الغرائب.
ربما يعتقد البعض أن المعاكسة مرض تخطاه الزمن، ولكن المتابع يعلم أنه عاد بقوة إلى شوارعنا وبيوتنا وأسواقنا، وانتشر بين شبابنا وبناتنا انتشار النار في الهشيم، حتى صار ظاهرة في مجتمعاتنا وشيئا يملأ الأسماع والأبصار، تروى فيه وقائع تثيرالعجب، وتدمي القلب ، وتستوقف الحريص الغيور.
عواقب وخيمة
فالمعاكسات تعتبر واحدة من أعظم وسائل جلب الفساد وانتشار الفاحشة، بتيسير اللقاء الحرام، وما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما. وهي وسيلة من وسائل دمار الأسر وتضييع مستقبل الفتيات.. فكم من فتاة عرف عنها ذلك السلوك المشين فأغلقت على نفسها باب الزواج، وعن أخواتها، وربما عن إخوانها أيضًا. وكم من زوجة وقعت فريسة للمعاكسات فعلم زوجها فطلقها، وضاعت وضاع أولادها معها. والمعاكس لا يحسن الظن بأهله وزوجته فيما بعد، فكل حركة سيظنها تعاكس وكل كلمة أو مكالمة سيظنها مع رجل، كما كان يفعل هو بغيرها. فيضيع الاستقرار من الأسر وكأنها عقوبة من الله تعالى على فعلة السوء والتسلط على أعراض الناس.

ومن تتبع ما وقع من جراء المعاكسات من حوادث أليمة، وفواحش عظيمة، تحسر أيما تحسر على أحوال بنات المسلمين، وأدرك أن هذه المعاكسات وسيلة تغرير، وشباك صيد، يستهدف عرضهنَّ ويسود وجوههنَّ، ويتركهنَّ ضحايا في الزوايا، أو بائعات هوى ومنحرفات، سوسًا ينخر في جسد الأمة.
 تفنن وتنوع
وقد تعددت طرق المعاكسات وتفنن فيها الشباب ـ بنوعيه ـ أيما تفنن، فبين غمز بالعين، أو همز ولمز باللسان، أو ابتسامة ناعمة، أو نكتة طريفة، أو تعليقة يظنها صاحبها ظريفة. وبين نظرة ناعسة، أو تسريحة ساحرة، أو عباءة ملفتة، أو مشية متكسرة متغنجة، أو ابتسامة موحية، أو عطر يسحر القلب قبل الأنف.

وأما الهواتف فهي البلاء المبين والخطر العظيم، فاتصالات عشوائية تبحث عن فريسة، أو إلقاء رقم من طرف ليلتقطه الطرف الآخر، لتبدأ رحلة العصيان والتي لا  تنتهي على خير في أكثر وقائعها.
وقد استعيض عن الأخير بما يسمى خدمة "البلوتوث" الأسرع والأضمن والأكثر أمنًا وتقدمًا وتطورًا، علاوة على ما يرسل مع الرقم من لقطات فكاهية أو كلمات غرامية أو مقطوعات غنائية أو حتى صور إباحية وخلاعية.
وسل الشات في النت وغرف الدردشة تخبرك الخبر اليقين.
والبنات أيضا يعاكِسن
والعجيب في الأمر أن نسبة ليست بالقليلة من تلك المعاكسات تصدر عن فتيات يعاكسن الرجال، وبنات يشاغلن الشباب في الهواتف بمعسول الكلام وعبارات الغزل والتهتك، والغرض في البداية اللعب والتسلي أو تمضية وقت فراغ، أو سماع بعض كلمات الحب المحرومة من سماعها، أو حتى كلمات ماجنة لتفريغ شحنة كامنة، أو حتى بحثًا عن عريس الغفلة المختبئ وراء سماعة الهاتف أو النت؛ ولكن النهاية - في أغلب الأحيان ـ هي كما تحكى إحدى المعاكسات:

"كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية.. تطورت إلى قصة حب وهمية.. أوهمني أنه يجنى وسيتقدم لخطبتي.. طلب رؤيتي .. رفضت.. هددني بالهجر.. بقطع العلاقة .. صعقت .. أرسلت له صورتي مع رسالة معطرة.. توالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة.. هددني بالصورة والرسائل .. بصوتي في الهاتف – فقد كان يسجله – خرجت معه على أن أعود بأسرع وقت ممكن ومعي أغراضي كما وعدني.. لقد عدت ولكن ليتني ما خرجت وليتني ماعدت .. عدت وأنا أحمل العار والذل.. توسلت إليه أن يتزوجني ويسترني من الفضيحة.. فقال بكل سخرية واحتقار: إني لا أتزوج فاجرة.
وهكذا يتركها إلى مصيرها الأسود، ومستقبلها المظلم، ويذهب يبحث عن فريسة أخرى يفترسها ويلقي بها في الوحل.
الأسباب
لقد كان لهذه الظاهرة أسبابًا أدت لانتشارها وتأججها ومن أهم هذه الأسباب:-

أولا: الفراغ والبطالة
فمع انتشار البطالة ووجود الفراغ القاتل، والساعات الطويلة .. أصبحت كثير من أوقات شباب الإسلام ضائعة وساعاتهم طويلة وفارغة بلا عمل ولا وظيفة، ولا كسب ولا تحصيل ولا طاعة، فلما لم تجد ما يشغلها في الصالح المفيد شغلوها بالطالح الضار، فراحت ساعاتهم في المعصية واللهو، واللعب والحرام واللغو، ومعاكسة كل جنس نظيره.

وقد صدق أبو العتاهية حين قال:
إن الفراغ والشباب والجدة.. ... .. مفسدة للمرء أي مفسدة
فينبغي على شبابنا أن يعرفوا للوقت قيمته، ويشكروا لله نعمته، فإن الفراغ والصحة نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.

واسمع إلى ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "إني لأمقت الرجل أن أراه فارغًا ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا .. ... .. ولم أقتبس علمًا فما هو من عمري

فالقضاء على أوقات الفراغ في حياة الشباب ينبغي أن يكون من أول ما يوجه الآباء المصلحون عنايتهم له، ولا يشترط أن يقضي الشباب فراغه في الحفظ وتعلم العلم، بل كل حسب وجهته: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ)[البقرة:60] فمن كانت وجهته علمية فلينهل من منابع العلم، ومن كان له تميز في مجال فليذهب إلى ما يهواه طالما لا يتعارض وتعاليم ديننا الحنيف من تجارة نافعة، أو صناعة مفيدة، أو حرفة شريفة؛ حتى لا يندم على شبابه حين يسأل عنه فيما أفناه، وعن عمره فيما أبلاه، فتكون الإجابة: قضيته في معاكسة الفتيات والتشبيب بالمسلمات، والولوغ في الأعراض والحرمات. فما أعظم الندم ولات حين مندم.
ثانيا: ضعف الإيمان:
فأكثر شبابنا رقيق الديانة، قليل الإيمان، ليس له علاقة بالله تعصمه، ولا عبادة تشغله، ولا ورد من القرآن والذكر يؤنس وحشته، فلما أعرض عن الله آخاه الشيطان فاستوحش فذهب يبحث عن شيء يؤنس وحشته، ويُذهب عن القلب ظلمته، فما وجدها إلا في مغازلة الفتيات، وخبيث الكلمات، وسماع فاحش القول من الساقطات. يظن أن ذلك يسعد قلبه ويزيل وحشته، ويدخل عليه السعادة والسرور. ولا يعلم صاحبنا أن تلك الوحشة في النفس لن يزيلها إلا معرفة الله، وتلك الظلمة في القلب لا يرفعها إلا نور القرب من الله، وذلك الإصرار على المنكر لن يوقفه إلا الخوف من الله، والإحساس بمعية الله وقربه ومراقبته واطلاعه عليه.

فاعلم أن الله معك في خلواتك، وأنه يراك في حركاتك وسكناتك، وأنه يسمع سبحانه كل كلماتك، ويعلم مكنونات نفسك، ومرادات قلبك من وراء معاكساتك ومغازلاتك؛ فبماذا ستجيبه إذا وقفت بين يديه فسألك عن كل كلمة حرام وعن كل خطوة حرام وعن كل نظرة حرام وهمسة حرام ولمسة حرام.
(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[الزخرف:80]. (... الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية: 28، 29].
ثالثا: رفقة السوء:
فكم قادت هذه الرفقة إلى بلاء وعناء، وصديق السوء لا يأتي من ورائه إلا الشر، فالطباع سراقة، والمرء على دين خليله.. ومن صادق معاكسًا فلابد يومًا أن يعاكس، ومن صاحبت مستهترة فلابد أن يصيبها شيء من استهتارها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة"[متفق عليه].

والصديق المعاكس المتمرس في العلاقات المشبهوهة كنافخ الكير لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يوقع صاحبه فيما هو واقع فيه.. فكم من صديق زين لصديقه معاكسة الفتيات، وكم من صاحبة أوقعت صاحبتها في مصيدة المغازلات، فتقترح عليها من تغازل وتعاكس، وربما تعطيها بعض الأرقام، ودروس في فنون الغزل والمعاكسة، حتى وقعت في براثن ذئب بشري، أو في ورطة لا مخرج منها إلا بعون الستير الحليم.
رابعا: النت ووسائل الإعلام
فما يعرض في إعلامنا أو على شاشاتنا أكثره عهر ودعوات فاضحة ومكشوفة لنزع الحياء وإشاعة الفحشاء، وتهييج للعواطف، وتأجيج للغرائز، وإثارة للشهوات.. أغاني ماجنة، وأفلام خليعة، وكليمات رقيعة، يجأر إلى الله منها العجوز الفاني ذي الإيمان، فكيف بالشباب الفائر قليل الدين وعديم القدرة على الزواج.

فإطلاق النظر في هذه القنوات أو المجلات أو المواقع العفنة في النت، كل ذلك من أعظم دواعي الفتنة، وإثارة الشهوة، ومما يهج النفس ويهيئوها للبحث عن المعاكسات والمكالمات، ويجعل في النفس جموحًا لتقبل دعوات الفساق، سواء في الهاتف أو غيره. وربما تعب الشاب من المكلمات وما روى غليله فيبحث أو تبحث هي عن علاقة محرمة. فكف البصر عن النظر إلى الحرام غلق لأعظم أبواب الفتنة، ودرء خطر المعاكسات، وصدق من قال:
كل الحوادث مبدأها من النظر .. ... .. ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها .. ... .. كمبلغ السهم بين القوس الوتر
والعبد مادام ذا طرف يقلبــه .. ... .. بأعين الفيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهحبتـه .. ... .. لا مرحبًا بسرور جاء بالضرر

خامسا: تعقيد الزواج وتأخيره وسهولة الحرام وتيسيره
فإن الباعث الأكبر على تلك البلية (أعني المعاكسات والمغازلات)، إنما هو الشهوة والفراغ، وفي الزواج المبكر حفظ للشباب والبنات، فيجد الشاب المنفذ الحلال لشهوته، ولا يجد فراغ العاطلين لانشغاله بأمور بيته وأولاده.
فإذا صُعِّب على أبنائنا طريق الحلال وسُهِّل لهم طريق الحرام ؛ فقل لي بربك ماذا تنتظر من الشباب والفتيات؟!.
إن الزواج عصمة لبناتنا وأعراضنا قبل أن يكون لأبنائنا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضن للبصر وأحصن للفرج...".

سادسا: تبرج النساء وغياب المحرم
قال أحد الشباب عندما سئل: لماذا تعاكس؟ قال: البنت هي السبب تخرج متزينة ومتعطرة متكسرة، ولا تريد أن يعاكسها أحد. هذا محال.
فالبنت هي التي تدعو الشباب لمعاكستها بطريقة لبسها ومشيها وزينتها وعطرها. وقد نهاها الشرع عن الخروج بمثل هذه الهيئة درءا للفتنة وصيانة للعرض.

كما وأن خروج المرأة وحدها مغر للكلاب النابحة والذئاب الجامحة بالتعرض لها. وقد ذكرت كتب الأدب أن امرأة خرجت لتطوف بالبيت فتعرض لها خليع من هؤلاء، فعادت إلى أخيها فقالت: تعال لتعلمني المناسك، فذهب معها وفي الطريق كان ذلك الشاب ينتظرها فلما رأى معها رجلا انخنس وذهب، فقالت المرأة بيتا يكتب بماء الذهب:
 تعدو الذئاب على من لا كلاب له            وتتقي مربض المستأسد الضاري

إن الشباب لا يتجرأ على التعرض للمرأة إلا إذا كانت وحدها بدون رجل يدفع عنها، ومن العجب أن يترك رجل زوجته أو ابنته أو أخته تذهب إلى السوق أو غيره وهو في بيته أو مع أصحابه.. ثم يبكي بعد ذلك على ضياع الأعراض.
إن الرجال الناظرين إلى النسا                مثل الكلاب تطوف باللحمان 
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها               ذهبت بلا عوض ولا أثمان

سابعا:كثرة الهواتف وضعف الرقابة
قالت إحداهنَّ يومًا: أبي وأمي هما السبب.. فثقتهما الزائدة بي فتحت لي الباب للمعاكسات والمغازلات والخروج دون علمهما، لا يعرفان ما أصنع، وقد كدت أهلك مرات ومرات. وهما في البيت لا يعرفان عني شيئًا.
فكل بنت من بناتنا معها جوالها الخاص بها، وفي غرفتها هاتف خاص، وربما تجلس الساعات الطوال مغلقة غرفتها ولا يدري أحد ماذا تصنع ولا مع من تتكلم.
ونحن لا نقول لك كن على أبنائك رجل مخابرات، ولكن لا تكن مغفلاً. والثقة الزائدة تضر أحيانًا خاصة مع البنات.

العلاج:
كل ما ذكرناه من أسباب فضده علاجه.. لكن الأمر يحتاج إلى مجهودات متكاتفة.. فلابد من شغل أوقات فراغ الشباب، وزيادة الجرعة الإيمانية، والتركيز على التوجهات الأخلاقية، وتوجيه الشباب لاختيار الصحبة الزاكية النقية، وتيسير الزواج على الشباب ومعالجة البطالة المتفشية، ووجود الرقابة المنضبطة.. ولابد من إصلاح وسائل الإعلام فهي أهم وسيلة لانتشار هذا الأمر أو الحد منه ومعالجته. مع وجود العقاب الرادع لمن تسول له نفسه الوقوع في المسلك المشين وإن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن.

همسة في أذن معاكس
اعلم أخي أن أشد الأذى أذى العرض، وإذا كنت لا ترضى أن يؤذيك أحد في أمك أو أختك أو ابنتك أو زوجتك، فكذلك كل الناس لا يرضى ذلك لأهله.
واعلم أيضا أنك كما تدين تدان: فمن وقع في عرض غيره ربما أوقع الله في عرضه غيره.. والأمر كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
يا هاتكًا حرم الرجال وقاطعا .. ... .. سبل المودة عشت غبر مكرم
لو كنت حـرًا من سلالة ماجد .. ... .. ما كنت هتاكًا لحــرمة مسلم
من يزن في بيت بألفي درهم .. ... .. في أهلـه يزنى بغــير الدرهم
إن الزنـــا دَيْنٌ إذا أقرضتــه .. ... .. كان الوفا في أهل بيتك فاعلم

février 13, 2015

صمت المراهقين.. من المسؤول؟ وما العلاج؟!!

الصغير يكبر، والذي كنا بالأمس نحاول إسكاته، أصبحنا اليوم نفكر في سحب الكلمات من فيه، وصرنا نطرح على أنفسنا أسئلة عدة: لماذا لا يطلعنا على عالمه؟ وما هي الشعرة التي تفصلنا عنه؟ 

يقول البعض: إن علينا أن نظهر لهم الحب والحنان، لنحاول كسب ثقتهم، ويرى البعض بأن علينا أن نراقبهم عن قرب، وهناك أطروحات كثيرة، لكن أيها الحل الأمثل؟
تبدأ هذه الرحلة من كتمان الأسرار تحديدًا في سن المراهقة، وهو المقطع الذي يشكل أخطر مفترق طرق يمر به الشاب والفتاة. ونحن هنا نحاول وضع أيدينا على هذه القضية الشائكة وهي: لمن يبوح الأبناء بأسرارهم؟ ولماذا لا يبوحون بأسرارهم لأهليهم؟
خصائص المرحلة
يقول علماء الاجتماع إن الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء تبدأ بالاتساع بشكل كبير في سن المراهقة، ومن خصائص هذا العمر من الناحية النفسية أنه عمر غير مرتاح، قلق، متقلب. فالشاب الصغير لم يعد طفلاً، كما لم يصل بعد إلى مرحلة النضوج، أول ما يرفضه المراهق هو أن يقرر الآخرون بدلاً عنه، وهذا الشعور بـ (الأنا المجروحة) يسبب عنده الرفض والثورة والبعد، وعلى القائد في هذه المرحلة أن يتحلى باللين، كي لا يكسر شوكة المراهق، والقوة كي لا يخسره.

هذا العمر هو عمر العقل المفكر، عمر البحث عن البراهين، وبالتالي فالعمل والبحث الشخصي هو ما يعتقدون أنه يوصلهم، فالحقيقية ليست ما يقوله القائد، وإنما ما يكتشفه المراهق بنفسه، ومع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تفكير المراهق ليس متينًا، لذا يجب السماح له بالتفكير على قدر ما يستطيع ومرافقته في اكتشاف عالم الفكر اللامتناهي.. فهي تربية التفكير الذاتي ومناسبة الإنماء؛ فالخط التربوي في هذا العمر يتم من خلال تحليل الواقع، وصقله في تعابير واضحة وعملية.
على من تقع المسؤولية
وأما مسؤولية إخفاء المراهقين أسرارهم وعدم البوح بها إلى الأهل، فيرى الدكتور "ماهر أبو زنط" أن الجانب الأكبر منها يقع على الأبوين، ويجب على الوالدين السعي إلى التقرب من المراهق دون أن يمس هذا باحترامهما له، كما أن عليهما أن يظفرا بصداقته واكتساب ثقته حتى يتعود الابن على البوح والصراحة مع أبويه، وبهذا يظل الوالدان على دراية بما يواجهه المراهق فيواجهانه بالنصح والإرشاد ليكتمل واجب الآباء تجاه الأبناء.

أما المراهقون أنفسهم فلهم رأي آخر.. فيقول م.يوسف (16 عامًا): ربما الخوف من العقاب هو السبب، فمنذ صغري وأنا أسمع كلمات الزجر والنهي، فهذا عيب، وهذا حرام، وهذا ممنوع، وذاك لا يجوز...، فتأصل الخوف لدي منذ الطفولة، بأن ما أتحدث به قد يحرجني أما الأهل، فأضطر إلى أن أفتح باب قلبي إلى صديقي، وأخفي عن أبي وأمي ما أشعر به.
وعندما سئل أحد المراهقين (17 عامًا): لماذا لا يبوح الأبناء بأسرارهم؟ أجاب وقد علته مشاعر الغضب: أين هم الآباء أصلاً؟ همّهم توفير الشراب والطعام والملابس، والاحتياجات الأساسية لحياتنا، أما حاجاتنا النفسية فهي آخر ما يفكرون به.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للفتيات المراهقات عن الشباب في اتهام الأهل بالتقصير وعدم الاهتمام.. فتقول نجلاء (16 عامًا): إن أهلي لم يقوموا – ولو لمرة واحدة – بفتح باب الحوار معي، وأشعر أحيانا بأنهم يحاولون التهرب من الاستماع إليَّ.. وحاولت مرات كثيرة أن أفاتح أمي، لكنها كانت تتهرب مني. أما الشخص الذي تبوح نجلاء بأسرارها له فهو دفتر مذكراتها. فقالت: أسجل كل ما يخص حياتي في مذكرات يومية، وهو بالنسبة إليها البئر الذي تلقي فيه بكل أسرارها.
المراهقون في قفص الاتهام
وبعد أخذ آراء المراهقين كان لابد للاستماع لآراء الآباء ومعرفة وجهة نظرهم في تلك القضية.. يقول أحد الآباء (43 عامًا): أبناء اليوم جيل متفتح، متمرّد على الواقع بكل أشكاله، يهرب عندما يجد نفسه مضطرًا إلى الاعتراف بخطيئته؛ لذا ينأى بأسراره بعيدًا عن أهله، هذا ما قاله الأب.. أما زوجته الأم (35 عامًا)، فعلّقت على الموضوع قائلة:

أنا أم لولدين أحاورهما، وأحاول أن أزيد مساحة التفاهم بيننا، إلا أنني كلما اقتربت منهما، ابتعدا عني، وأشعر أحيانًا بأنهما يعيشان في عالم آخر غير العالم الذي أعيش فيه، وأراقبهما عن قرب لأعرف تفاصيل عالمهما الذي أشعر بأنه مليء بالأسرار التي لا يستطيعان البوح بها لي، ولا أعرف السبب، وأنا حائرة معهما.
أما أ.جابر (54 عامًا) فيشكو من تصرفات أبنائه الذين لا يسمحون له بالاقتراب من خصوصياتهم، ويقول: عندما أسمع أبنائي يتحدثون في موضوع ما، وأحاول مشاركتهم فيه، فإنهم إما أن يغيروه، أو يتوقفوا عن الحديث، وكأنني غريب عنهم، ولست والدهم.
وعن السبب تحدث جابر – وقد بدت عليه علامات الغضب -: مشكلة أبناء اليوم بأنهم يظنون أنفسهم أنهم أكثر وعيًا من أن يناقشهم الكبار.
علم النفس .. والتنشئة
وأما أساتذة علم النفس فقد أكدوا على لسان الدكتور عبد الله عسَّاف – رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح – أن سبب الفجوة هو الجو الذي أصبح يعيشه الأبناء والآباء، وهو عصر السرعة، والانفتاح. وأضاف: إن الأبناء لا يثقون برأي الآباء ويرون الآباء ليسوا على قدر من الوعي والمسؤولية في تحمّل الأسرار، وكذلك هناك من الأبناء من يخشى فضح أسراره خوفًا من العقاب، ولعل من الأسباب أيضًا: عدم عيش المراهق منذ الصغر في جو من المحبة والحنان مما يجعله يبحث عن بديل في الخارج، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبله، خاصة إذا سلك طريقًا غير صحيح، وكان بعيدًا عن الرقابة.

وأضاف د.عساف: إن الطفل عندما يبلغ سن المراهقة تطرأ عليه تغيرات فجائية في بداية النضوج، لقد جرت العادة في مجتمعاتنا العربية على تجنب الآباء الحديث إلى الأبناء عما يصيبهم في هذه السن من تغيرات؛ لذلك يجد المراهق نفسه حائرًا وقلقًا؛ إذ يلاحظ التغيرات النفسية والجسدية التي تصيبه، وهو لا يدري ما سر هذه التغيرات، فيحاول أن يستمد المعلومات فيما بينهم.
ويرى أساتذة علم النفس أن التغيرات الجسدية والنفسية التي تظهر على الطفل، وهو في سن المراهقة تجعله يشعر بالفرح أو الحزن، فالفرح ناتج عن شعوره بأنه مقبل على مرحلة الرجولة، أما الخوف فهو ناتج عن شعوره بالأعراض الطبيعية التي تصيبه، فهو يجهل أنها طبيعية أم لا، وهذا الجهل يجعله يخشى الكشف لوالديه عما يصيبه؛ ظنًّا منه أن سؤاله خارج عن نطاق الاحترام والأدب، ولكي يتدارك الأهل مثل هذه الأمور يجب أن يبدؤوا بشرح الأمور إلى المراهق بطريقة مبسطة، لكي لا يحصل على معلومات من الخارج ربما تكون خاطئة.
رأي التربية
وكان لمتخصصي التربية أيضا مشاركة في المشكلة حيث يقول الدكتور فواز عقل: إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المتهمين بأمور التربية؛ إذ إن الأولاد يبقون حتى سن معينة، تحت قبضة الوالدين، لكنهما كثيرًا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة، ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما.

وقال د.فواز: إن الأسباب وراء اتساع الفجوة بين الأبناء والأهل أسبابها كثيرة، فمنها مثلاً المشاكل النفسية التي يدخل بها الطفل، عندما يشاهد مثلاً خوفًا أو نزاعًا بين والديه، أو انشغالهما عنه بشؤونهما الخاصة، مثل هذه الأمور قادرة على صنع جدار سميك بين الأبناء المراهقين وأهلهم، وأيضًا هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق وسلوكه.. فمنها ما هو ذاتي، كالصفات الوراثية، والبنية النفسية والعقلية، ومنها ما هو محيطي، كسلوك الآباء والأقارب المنحرفين، والأصدقاء، والجو المدرسي، وأخيرًا وسائل الإعلام المختلفة.
ما العمل؟!
وبعد أن عرضنا وجهات نظر جميع الأطراف في هذه القضية الخطيرة كان لابد من السؤال الأهم وهو ما الحل وما العلاج؟
يقول الدكتور عبد الله عساف: إن التعامل مع فئة المراهقين في غاية الخطورة سواء كانوا بنين أو بنات، ولابد أن يكون هناك حذر في التعامل معهم، حتى لا تكون هناك ثغرات يستغلها المراهقون في سلوكياتهم الحياتية، ولابد من تقليص الفجوة بين الأبناء والأهل عن من خلال الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق أو الشاب. والاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة، وما شاكل ذلك من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.

بينما يرى دكتور التربية فواز عقل أن تقليص الفجوة يتم من خلال التوصيات العملية لتربية المراهقين تربية حوارية هادفة. ويوصي الآباء بضرورة إنشاء صداقة مع الولد، والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات الشرق من أسلوب (العصا والخيزران)!.
إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه – وهما الأعرف بما يصلحه – بدلاً من الالتجاء إلى الغرباء..كذلك من التوصيات، إظهار حبهم ومشاعرهم ورضاهم للأبناء، والابتعاد عن الاتهام وسوء الظن؛ إذ يلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهمًا في المنزل، فإنه سيفقد الثقة بنفسه، ومن هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة أن يستثمر الفرصة ويشجعه ويمتدحه معبرًا عن ذلك بفرحة، وإلى أن يقوم كل بدوره تبقى الفجوة والجدار آخذين بالاتساع.. فهل نستطيع إيقافهما وتلاشي خطرهما المحدق بنا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسلام اليوم(12) بشار دراغمة

février 13, 2015

المراهقات .. وتجاهل الأمهات

حين طُلب من مراهقات وضع لائحة عن الأشخاص الذين يفضلن الحديث معهم، كانت المفاجأة أن الأم جاءت أخيراً. وأشارت هذه النتيجة «غير المتوقعة» لدراسة قام بها خبراء اجتماعيون إلى اختلال العلاقة بين الأم والابنة.

وبرّر العديد من المراهقات ذلك في كون «الأمهات لا ينصتن»، ما يجعل الأصدقاء ـ وحتى العالم الافتراضي الذي تنسجه خيوط الشبكة العنكبوتيةـ «الملاذ الأفضل» لتفريغ الشحنات والتعبير عما يراودهن.
ورأى أستاذ علم الاجتماع حسين العثمان الذي اشرف على الدراسة أنّ عدم إنصات الأمهات لبناتهن المراهقات يفسّر خشيتهن من أن يعرفن أشياء لا يرغبن بمعرفتها كتورط بناتهن في علاقات عاطفية، أو أن يضطررن للإجابة عن أسئلة ما زالت تعدّ من المحرمات بخاصّة الجنس.
ويضيف العثمان بأنّ هذا الأمر أشبه بـ «دفن الرأس في الرمال». فهو لا يفيد بل يزيد المشكلات تعقيداً مشيراً إلى أنّ «الحوار الإيجابي مع المراهقات يحميهن من الانزلاق في أتون الانحراف، لا سيما أنّ شلة الرفاق التي ستصبح مرجعيتهن غير مؤهلة أصلا للقيام بتلك المهمة التي تحتاج إلى خبرة وحكمة».
أمهات مشغولات
تقول إحدى المراهقات: «لا أتذكر أنني اشتركت مع أمي في حوار من أي نوع، كل ما تفعله من أجلي هو ترك المصروف بجانب المزهرية الخضراء». «هي لا تعلم أني أحتاج للتكلّم معها».. وتضيف أنها اختارت صديقتها شذى بديلاً متاحاً للاستشارة والاستماع. وأنهما تتحدثان معاً عن كل شيء: الموضة، الشبان، الدراسة، برامج التلفزيون، آخر الألبومات الغنائية، وعندما تصطدمان بما لا تعرفانه تلجآن الى الإنترنت الذي يجيب من دون «حرج أو تهرب».

أمّا مها وأعضاء شلتها فأجمعن أن «ماما دائماً مشغولة» على رغم أنهن اختلفن في تفسير أسباب الانشغال. تقول مها: «ماما أستاذة جامعية يستهلك عملها كل وقتها وأعصابها وبالتالي، فالمنزل بالنسبة إليها هو للراحة فقط».
أما سارة فتقول «ماما بتهلك بشغل البيت والتنظيف ورعاية إخوتي الخمسة ووالدي»، وهكذا فوالدتا مها وسارة مشغولتان بالعمل إما خارج المنزل أو داخله.
غير أن اللافت كان تفسير "ن.أ" لانشغال والدتها عن الاستماع إليها، إذ قالت «ماما مهووسة بقوامها، هي على أبواب الأربعين وهو أمر يثير قلقها». وتضيف: «تتردد أمي باستمرار على مراكز اللياقة البدنية والتجميل والأسواق لتبدو أصغر. أما أنا ففي آخر سلم اهتماماتها». وأجمعت فتيات الشلة أيضاً على «حبّ أمهاتهن» على رغم الاهمال المعنوي الذي يعانين منه.
الحوار ضرورة
ويلعب الحوار بين الأم وابنتها المراهقة دوراً أساسياً وفق تقريرات اختصاصيي علم النفس. فهو يقلّص فارق العمر بين جيلي الأمهات والبنات ويساعد البنات في تعزيز ثقتهن بأنفسهن ويحقق لهن الاستقلالية. كما أنّه يبقي الأمهات قريبات من بناتهن ومطلعات على مشكلاتهن وهمومهن، ما يمكّنهن من «التدخل السريع عند الحاجة».

ويعتقد الدكتور وليد شرف ـ أخصائي علم النفس ـ أنّ المراهقات يخسرن كثيراً بابتعادهن عن أمهاتهن. إذ أن القرب من الأم «يقدم الدعم النفسي للنمو، ويخفف من مشاعر الكبت والقلق والخوف».
ويحدد الدكتور شرف جملة مفاهيم خاطئة تعوق الحوار بين الأم وابنتها من أبرزها التعليقات الجارحة أو الاستهزاء بكلام المراهِقة، وكثرة مقاطعتها وعدم الاكتراث بها، وإصدار الأحكام المسبقة قبل الانتهاء من الحوار، والاتهام المباشر واللوم والتهكّم واستخدام الألفاظ النابية أثناء الحديث.
ويشدد شرف على أن «معطيات العصر المغرقة بالرقمية أثرت في العلاقة بين الأم وابنتها المشغولة بالكومبيوتر والهواتف» منبهاً الأمهات الى ضرورة أن تشعر الفتاة باستمرار بأن أسرتها هي ملاذها لمواجهة المشكلات التي تعترضها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحياة: ليلي خليفة 

février 13, 2015

ما يشاهده المراهقون

اسأل أي شاب أو شابة، مراهق أو مراهقة في مصر: هل تشاهد التلفزيون؟ وستلقى إحدى إجابتين: إما طبعاً, أو أكيد وستصحب أياً من الإجابتين نظرة تعكس استهزاء المسؤول بسؤال السائل الذي يعد أمراً مفروغاً منه. والطبيعي أن يكون السؤال: كم ساعة تمضي أمام التلفزيون يومياً, أو ما البرامج التي تعجبك أو لا تعجبك؟ أو ما أفكار البرامج التي يفتقدها التلفزيون؟

لدى سؤال محمد النادي (14 عاماً) لماذا تشاهد التلفزيون؟ خرجت الإجابة كاملة كالمدفع الرشاش: "ولماذا لا أشاهد التلفزيون؟ فهو يقدم برامجَ تعليمية, ومسلسلاتٍ وأفلاماً عربية وأجنبية, وسباقات سيارات, ومباريات كرة قدم, وأفلاماً إباحية, وبرامجَ دينية, وحتى لو لم يكن يقدم هذه التنويعة الغنية التي تناسب الجميع, هل هناك بديل آخر أمامي لأمضي فيه وقت فراغي؟ الأندية الرياضية مغلقة على أعضائها, والشوارع تئن من كثرة الشباب المتلطّع فيها, وأقل نزهة تبتلع مصروف الشهر كله".
عدد متزايد من العاملين والمسؤولين في مجالي التعليم والإعلام يؤمن بأن التلفزيون هو الوسيلة الأكثر انتشاراً وجاذبية لنقل المعلومات والمعرفة والتجارب, بل يكاد يكون الوسيلة الوحيدة القادرة على التغلب على كل العوائق الاجتماعية والاقتصادية, بما فيها الأمية.
ويتفوق التلفزيون على كل وسائل الإعلام والعلم والمعرفة الأخرى لدى الشباب. ففي دراسة أجرتها منظمة "يونيسيف" على النشء المصري في الريف والحضر بين سن 10 و19 عاماً, تبين أن الغالبية العظمى منهم مشاهدون دائمون لشاشة التلفزيون, على عكس الجرائد والمجلات والكتب (غير المدرسية) التي يقل إقبالهم عليها لأسباب مختلفة. ولاحظت الدراسة التي أجرتها الدكتورة سحر الطويلة أنه "كلما ابتعدنا عن القاهرة حيث تقل فرص الترفيه ووسائل تمضية وقت الفراغ, زادت نسبة مشاهدة التلفزيون بين المراهقين والمراهقات". وكان السبب الأبرز الذي ذكره معظم الشباب لعدم إقبالهم على القراءة هو أنهم مشغولون في المذاكرة, وأن في حال وجود وقت فراغ يفضلون تمضيته أمام التلفزيون.
الذكور أكثر عرضة للإعلام
وعلى رغم افتراض عدم وجود فروق في نسب المشاهدة بين المراهقين والمراهقات, فإن دراسات عدة أشارت إلى غير ذلك. فالمراهقون الذكور الملتحقون بالتعليم أكثر عرضة للإعلام عموماً - سواء كان تلفزيوناً أو إذاعة أو صحفاً ومجلات - أكثر من المراهقين غيرالملتحقين بالمدارس والجامعات. وقد يكون ذلك بسبب انشغال الفئة الأخيرة في أعمال تتطلب ساعات طويلة لا تترك لهم وقتاً كافياً يشاهدون فيه التلفزيون.

ويختلف الوضع بالنسبة إلى الفتيات المراهقات, فالفتيات الأقل تعليماً (الحاصلات على قدر قليل من التعليم أو المتسربات من المدارس) يلتزمن بيوتهن أكثر من غيرهن, وتقل بينهن معدلات الخروج وإمكان الاطلاع على وسائل الإعلام باستثناء التلفزيون, في حين تكون فرصة الاطلاع على الصحف وغيرها أكبر بين الفتيات الملتحقات بالمدارس والجامعات.
وتشير دراسة ميدانية أجريت على الفتيات المراهقات في محافظتي المنيا وأسيوط في صعيد مصر عام 2000, إلى أن الفتيات الملتحقات بالتعليم يوزعن وقتهن اليومي في موسم الدراسة بين المدرسة والمذاكرة في البيت, ومشاهدة التلفزيون, والمساعدة في أعمال المنزل, والخروج لتلقي الدروس الخصوصية وزيارة الصديقات والجيران. وفي الصيف ينشغلن بالأعمال المنزلية ومشاهدة التلفزيون والزيارات.
أما الفتيات خارج منظومة التعليم, فينقسم يومهن بين الأعمال المنزلية ومشاهدة التلفزيون وتلقي دروس محو الأمية. مشاهدة التلفزيون إذاً هي العنصر الذي يوحّد الجميع.

ويؤكد نصف مراهقي ومراهقات مصر أن التلفزيون هو أحد أبرز مصادر المعرفة بالنسبة إليهم, ولا سيما في المجالات التي تهمهم, وترتفع هذه النسبة في القاهرة لتصل إلى 80 في المئة.
وتعتمد المراهقات مصادر متعددة للحصول على معلومات. وهذه المصادر هي على التوالي: التلفزيون, الأسرة, المدرسة, الأصدقاء وأخيراً الإعلام المكتوب والمسموع. أما المراهقون, ولا سيما في مرحلة التعليم الجامعي, فيعتمدون مصادر أخرى من المعرفة, لكنهم يشاهدون التلفزيون لأسباب ترفيهية.
ما يشاهده المراهقون
وبالطبع يختلف ما يشاهده المراهقون عما تشاهده المراهقات. وتقول دراسة "يونيسيف" إن المراهقات يقبلن على مشاهدة المسلسلات وبرامج المنوعات والبرامج الدينية وتلك التي تخاطب المرأة, في حين يقبل المراهقون على المسلسلات الأجنبية والرياضة.

وتقول الطويلة: "إن أكثر البرامج التي تلاقي استحسان المراهقين هي الأفلام والمسلسلات وبرامج المنوعات والفيديو كليب, تليها برامج "العلم والإيمان" و"حديث المدينة" و"غرائب وعجائب". وهم نادراً ما يشاهدون النشرات الإخبارية أو أية برامج دينية أو ثقافية جادة".
ويبدو أن مراهقي مصر يشاهدون عدداً قياسياً من الأفلام أسبوعياً, يراوح بين ثلاثة وستة أفلام. وقال 80 في المئة من مراهقي القاهرة الذين شملتهم الدراسة إنهم يستقون جانباً كبيراً من معلوماتهم عن الجنس من تلك الأفلام, بل قال 64 في المئة إنهم يشاهدون الأفلام بغرض مشاهدة لقطات الجنس.

لكن ما الصورة التي يقدمها التلفزيون, ولا سيما المسلسلات, للمراهق أو الشاب المصري؟ تشير دراسة أجراها الباحث تامر سكر عنوانها "صورة المراهق في المسلسلات العربية في التلفزيون المصري", إلى أن غالبية الأعمال التلفزيونية لا تهتم بمراهق أو شاب الريف, وتركز على شباب المدينة. كما لوحظ زيادة عدد أدوار المراهقين عن أدوار المراهقات في المسلسلات, على رغم أن الأخيرات تمتعن بعدد أكبر من أدوار البطولة.
أما المستويات الاقتصادية والاجتماعية التي ينتمي إليها معظم "مراهقي التلفزيون" فهي المتوسطة والمرتفعة, في حين تقلصت أدوار المراهقين الفقراء.
وانتقدت دراسة "يونيسيف" عدم اعتراف الإعلام المصري عموماً بأن المراهقين فئة في حد ذاتها, لهم حاجاتهم الإعلامية, "فالمسؤولون يعتبرون أن المواد الإعلامية الموجهة لمرحلة الطفولة المتأخرة تصلح كذلك للمراهقين".
وهناك 17 برنامجاً تخاطب "الصغار" على القنوات المصرية الأرضية, لكن لا توجد أية دراسات حول نسب المشاهدة. ويشار إلى أن القنوات التعليمية المتخصصة المصرية تبث ما يزيد على 40 برنامجاً تخاطب الطلاب في المرحلتين الإعدادية والثانونية.
وتشيد الطويلة في دراستها بتجربة تلفزيونية رائدة هي برنامج "أجيال وراء أجيال" الذي كان يذاع على القناة الثامنة وكان موجهاً لمحافظات الصعيد, ويناقش قضايا الصحة الإنجابية.

وعلى رغم الضجة التي أثارها التلفزيون عن برنامجه "حوار مع الكبار" الذي تقدمه مذيعة من رعيل التلفزيون الأول, تستضيف فيه مسؤولين كباراً وجمهوراً "صغيراً", يقول أحد المراهقين: "نريد برنامجاً يخاطب المراهقين الطبيعيين, نفتقد برنامجاً يخاطب حاجاتنا الحقيقية وليس تلك التي يحددها التلفزيون". ويقول آخر عن البرنامج: "هم جالسون طوال الوقت, ولا همّ لهم إلا الوعظ".
وتعبر شابة (18 عاماً) عن رغبتها في أن ترى برنامجاً يخاطب قضايا الشباب "الواقعية" على أن يقدمه شاب أو شابة.
وحددت الطويلة الأطر العامة للبرامج التي يود الشباب مشاهدتها, "فهم يودون مخاطبتهم باعتبارهم شباباً وليس مراهقين أو أطفالاً ويفضلون أن تكون البرامج على الهواء وليست مسجلة, وطالب عدد كبير منهم استضافة الآباء والأمهات والمعلمين ليستمعوا إلى وجهات نظر الشباب وشكواهم مباشرة من أفواههم".
ــــــــــــــــــ
جريدة الحياة 

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

Traduction ترجمة

التسميات