آخر المواضيع

mercredi 11 février 2015

أنقذوا هؤلاء الشباب

المجموع المستفاد، في إصلاح الأولاد (6)

أنقذوا هؤلاء الشباب


إن من المصائب العظام ما نشأ عليه هذا الشباب الذي قد ملأ المدن والقرى من الأخلاق الرذيلة السيئة الموجبة لزوال النعم وحلول النقم من حلق اللحى وتضييع الصلوات المفروضة مع الجماعة واتخاذ الملاهي المتنوعة والمنكرات المسخطة لرب الأرضين والسماوات، لا يتأثرون بالنصائح والإرشادات الدينية التي يذكر بها أهل الخير، والتي ينشرها علماؤنا بالمجلات والجرائد، فكأنك -لعمر الله - تضرب في حديد بارد؛ وما ذلك إلا لبعدهم عن الخير وأسبابه، وخوضهم في أنواع الموبقات، وموت قلوبهم، وخلوهم من الدين الصحيح الذي لم يباشرها، ولم تنشأ عليه، ولم تستنشقه بل نشؤوا على تلك العادات والسجايا السامجة التي حلت بقلوب فارغة فتمكنت وامتزجت باللحم والعصب ونضحت من الخارج كما ورد (كل إناء ينضح بما فيه).

وسيان منهم المتعلم والجاهل، والمبتدئ والمنتهي، كلهم في غيهم يعمهون، ينصبون في تلك الثياب والداخل في خراب، وإن من  المؤلم المفظع أنهم يعتبرون رجال المستقبل وقادته والذين سيقلدون كثيراً من المهمات، فهم إذن يحلون محل الخاصة الذين ينظر لهم ويسمع لقولهم، فيا شؤم ذاك المستقبل الذي قد بدت طلائعه إن لم يتداركنا الله بلطفه ورحمته، وإذا لم ينفع فيهم المقال فقد قال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فما أحرى حكومتنا المؤيدة المنصورة المستنيرة بنور الإسلام حامية البلاد السعودية الإسلامية التي قد خلع عليها لباس الهيبة والوقار في سائر الأمصار، ما أحراها أن تأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء الجهلة كبيرهم وصغيرهم وتأطرهم على الحق أطراً، فإن هذا هو الركن الأعظم والسبب الوحيد لثبات قواعد الملك والاستقرار والابتهاج والنصر على الأعداء والتمكين في البلاد، كما أن الاستهانة بالدين والتساهل بأمره وترك الأغبياء في ميدانهم من أسباب زوال النعم وحلول النقم قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11] وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى: 30].  والآيات في مثل هذا كثيرة جداً، وكما ورد في الأثر الإلهي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (ما من أهل بيت ولا دار يكونون لي على ما أكره فيتحولون منه إلى ما أحب إلا تحولت لهم مما يكرهون إلى ما يحبون، وما من أهل بيت ولا دار يكونون على ما أحب فيتحولون منه إلى ما أكره إلا تحولت لهم لما يحبون لهم مما يحبون إلى ما يكرهون) جزاءً وفاقاً ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾، وإن من الواجب على كل أحد بحسب مقدرته أن يجعل هذا الشباب نصب عينيه في كل حين ولاسيما الخاصة الذين يحتلمون من المسؤولية ما لا يتحمله غيرهم المعلم مع تلاميذه والوالد مع ولده والأخ مع أخيه والقريب مع قريبة والأقرب فالأقرب، فإن هؤلاء رعاة على من تحت أيديهم وإن كان الأمر عاماً لكل مسلم..

تفقدوا أيها المسلمون أحوال حواشيكم وأولادكم وإخوانكم ما دامت الفرصة ممكنة، فإن هذا والله أفضل من إعطائهم الذهب والفضة، وهو أوجب من الإنفاق عليهم فإن المحسن شريك المسيء إذا لم ينهه، والبلاء إذا نزل يعم، وما الذي يؤمننا من ذلك، وإن من العجب أن كل واحد منا قلبه ينكر السكوت عن تلك الأحوال وهو دهره ساكت، أيها الشباب أوجه القول إليكم قبل غيركم؛ لأن الواجب عليكم أكبر ولأنكم بالواجب أدرى، إنكم إن لم تتأهبوا من الآن وتحملوا الأمانة التي ألقى الله على عواتقكم يوشك ألّا تفلحوا، بل لن تفلحوا إلا بحملها والذود عنها والذب عن حماها، فإن أفكار دعاة الضلال تنشر السموم علينا في كل شيء؛ في الكتب والمجلات، وفي الإذاعات الأجنبية، وبعض الإذاعات التي تنتسب شعوبها إلى الإسلام ولا تطبق حكوماتها تعاليمه، ولكن كيف نرجو ممن لا يحكم الإسلام نصراً للإسلام، قال تعالى: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [النساء: 65]. إن العالم العربي الإسلامي قد فاز بالاستقلال السياسي في أكثر بلاده، ولكن لم ينل استقلاله الفكري والاقتصادي كاملاً، فعلى الشباب المسلم أن يتحمل عبء حل هذه المشاكل، وعلى المسلمين جميعاً أن يتعاونوا مع الشباب فيرشدوهم بآرائهم وتجاربهم، وأما كبيرة المسؤولية فتقع على من يحمل فكراً إسلامياً وروحاً وثابة تحل مع الحق أينما كان، وإنكم أيها الشباب إن تخليتم عن مسؤوليتكم هذه فقد خنتم الأمانة وخيبتم أمل إخوانكم في كل مكان، عن العالم الإسلامي لينظُر إلى الشباب العربي المسلم نظرة إعجاب وإكبار وأمل، وإلا فروح لا يسري عبيرها بين الأرواح لا خير فيها بل هي كالميتة، فهي كالمصباح الذي لا ينتفع بضوئه.

وإن الغرب يعمل كل وسيلة ليضعف هذا الدين في نفوس أصحابه حتى لا يقف في سبيل أطماعه، ولكن يجب أن ننتبه لهذا ونحتاط له.

يقول الكاتب المعروف محمد أسد - في كتابه على مفترق الطرق -:
إن الاستعمار الأوروبي لا يملك أن يغفل من حسابه أن الروح الإسلامي صخرة مقاومة لمدة الاستعمار، وأنه لا مفر من تحطيمها أو زحزحتها على الأقل.

فهذا كاتب من أبناء الغرب عرف نيات القوم ودخائلهم، ورأى تحامل قومه على الإسلام؛ فدرسه ورأى فيه ما لم يجده في غيره؛ فأسلم وأخذ يدافع عن الدين الإسلامي ويرد على الطاعنين ويبين جمال هذا الدين ومسايرته للحياة وصلاحيته لتنظيم المجتمعات وتربية الأمم، فما لنا نحن الذين توارثوا الإسلام وولدوا في مهبط الوحي لا نقف في وجه أعدائنا موقنين بالنصر صادقين في دفاعنا فإن هذا الدين لا يلقي التبعة على الحكومات، ولكنه يلقيها على الشعوب لتوجه الحكومات التوجيه اللائق بروح الإسلام وصفائه.

إنكم أيها الشباب تعيشون في دولة لا تغفل الداعي إلى الروح الإسلامية فقط بل تشجع وتساعد وتبذل الوسع في المساعدة، فإنه لا بد من تكوين عقليه مشبعة بروح الإسلام مشرقة بنوره مملوءة بحبة وحب نشره، ولا أراكم إلا هكذا، فعسى أن يرى في المستقبل القريب رجال الفكر منكم يقدمون الشيء الكثير في سبيل نشر الدين وإفهام الناس قدرته الكاملة على حل مشاكل الشرق والغرب، وأنه صالح لكل بيئة وأمة، وأنه لا يعرف التفرقة العنصرية بين أبيض وأسود، ولا أحمر وأصفر، إلا بالتقوى وأن النسب الذي يحسب له حساب تحت ظله هو التقوى والورع، وأن الميزان ليس بكرم القبيلة ولكن بمدى نفعه للأمة وهدايتها، فإلى إحياء أمتنا أيها الشباب إلى إحيائها بالدين الصحيح والإسلام النقي، والله أسأل أن يعيد لأمة الإسلام مجدها ورفعتها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. انتهى من مجلة راية الإسلام.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

Traduction ترجمة

التسميات