آخر المواضيع

mercredi 11 février 2015

إنهم يُشِيعون الفاحشة

إنهم يُشِيعون الفاحشة


مجتمعاتُنا العربية والإسلامية وصَلها التغيير والعبث، وعاداتنا الحلوة الحميدة بدأت تَذْوي وتتغيَّر، ويتم اللعبُ بها عن طريق وسائل الاتصال الجديدة و"العولمة"، وأضرب مثلاً:
1- تُعرَض "الفضائح والقصص الجنسية" في البرامج والمسلسلات على أنها قد انتشرَت في مجتمعاتِنا وعمَّت بها البلوى، والحقيقة أنها ما زالت قليلة، وما زالت مقصورةً على فئةٍ صغيرة مخفية من المجتمع، ولكنهم يسلِّطون الضوء عليها لتبدو وكأنها صورة للمجتمع كله، فتسوء سمعة مجتمعاتنا، ويتسارع انحدارُها.

2- أبناؤنا مهما اطلعوا (على الموضوعات الجنسية)، ومهما سمعوا عنها من أصدقائهم، ومهما عرَفوا من الكتب والمواقع، فإنهم لن يفهموا شيئًا؛ لأن "من لم يجرب الشيء بنفسه لا يدركه ولا يتصوره"، خاصة وهم يعيشون في مجتمعاتٍ محافِظة لا تُسِيغ الاستفاضةَ والكلام في هذه الموضوعات، فيضطرون للسكوت، ولكن هذه الجرأة - بل لنقُلِ: الوقاحة في الطرح - تنبِّهُ الأبناء لأشياءَ لم تكن لتخطرَ على بالِهم أصلاً، فيتشوقون لتجربتها.

3- بعض البرامج والمسلسلات تبالغ في وصفِ الدَّاء، وفي تصويره، وتعرِض المشكلة بطريقة فريدة ومثيرة، وأحيانًا مغرية، فتصبح دعايةً للداء، وإعلانًا له، بدل أن تنفِّرَ منه وتصرِف الشبابَ عن الوقوع فيه.

4- أصبحت المسلسلات تعرِضُ "الأدواء" بطريقة يسمُّونها "جرأة"، والواقع أنها طريقة "فجة"، و"وقِحة"، وأسلوبها ليس فيه خجلٌ ولا حياء، ولا مراعاةٌ للمُشاهِدِ، الذي قد يكون: "عذراء في خِدرها تمتلئ حياءً، أو يكون المشاهد شابًّا لا يجد نكاحًا يُعِفُّه، أو طفلاً لم يبلُغ الحُلُم ولا يفقه شيئًا، أو عانسًا تتُوق للزواج وهي بغنًى عمن يزيدها شوقًا إليه..."، وكل هؤلاء يتابع المسلسل والبرنامج مع الوالدين، فكيف سيكون الموقفُ حين ذاك؟ وكيف ستشرح الأم لصغيرها ما غمض عليه وصعُب فهمه؟ وكيف سيتفهم الشاب الصبرَ؟ وكيف ستلجم العانس مشاعرَها؟

لقد كانت الفتنةُ نائمةً غافية، وكلٌّ من (الذَّكَر والأنثى) لاهٍ عن أهوائه بالدراسة والتصبر، ومكابدة الحياة، فأبَوْا على الشباب سكينتهم، وها هم يوقظون الغرائز عن عمد، وبإصرار كبير، ثم وبعد أن يتحمسَ الشباب ويلتهبوا، يتركونهم بلا "مصرف شرعي" ينفِّسون فيه حاجاتِهم الطبيعية الضرورية، فماذا ستكون النتيجة؟ وماذا سيفعل هؤلاء الشباب وهم ممتلئون بالطاقة ولا يجدون لها مصرفًا؟!

سيعاكسون البنات، ويتبعون قول الشاعر: "نظرةٌ فسلام فكلام فموعد فلقاء..."، إنها النتيجة الواقعية والحتمية لمثل هذا السلوك، ونتساءل بعدها: "لِمَ كثُرَ الاغتصابُ في مجتمعاتنا؟"، "لماذا كثُر الزواج العرفي؟"، "لماذا زاد الانحراف والفساد؟"، "لماذا يتزوَّجُ أبناؤنا بمن لا نرتضي سلوكَهن ولا دِينهن؟".

5- عرضُ الفواحش بطريقة طبيعية يجرِّئ مرتكبيها على "الجهر بها"، و"الاعتراف بارتكابها"، فتصبح شيئًا طبيعيًّا، وجزءًا من أدواء المجتمع، وتصير سبيلاً للتفاخر بين الشباب، ومادة للحديث، وكلٌّ يتكبَّرُ على الآخر بعدد معجباته، وتشيع الفاحشة بين أبنائنا، وأعتقد أن هذا الشيءَ لا يُرضينا نحن الآباء والأمهات.

وأكثر الشباب نشَؤوا في مجتمعاتٍ محافظة، وما زالوا يستقبحون الرذيلةَ، ويُحبون الفضيلة، ولكن حين تصبح "الفاحشة أمرًا طبيعيًّا مقبولاً"، ويتشجَّعُ ضِعاف النفوس على التَّجرِبة، ويغلِبهم الهوى، يبرِّرون لأنفسهم ويختلِقون لها الأعذارَ، ويسهل عليهم السير على نَهْج مَن سبقوهم، فتزداد أعداد الساقطين في ركب الرذيلة (بدل أن يقلَّ)، ويزداد انحلالُ المجتمع وفساده.

أيها الناس، القضية تمسنا جميعًا، وأولادنا يعيشون في هذه المجتمعات، وبين هؤلاء، وعلينا حمايتُهم من التأثير السلبي، والحمد لله أنه ما زالت "النَّخوة" مركوزةً في مجتمعاتنا، وما زلنا نحترم الفضيلة، ونستقبح الرذيلة، فلينظر "كل مربٍّ" كيف سيساهم في المحافظة على هذه القِيَم العالية؟!


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

Traduction ترجمة

التسميات